الأحد 03 أغسطس 2025 الموافق 09 صفر 1447

شخصيات: محمد بدر.. الرجل الذي جعل للصعيد عنوان إسمه أنوبك

405
م محمد بدر
م محمد بدر

حين يُذكر اسم المهندس محمد بدر الدين، لا يُستحضر فقط كقيادة بترولية بارزة، بل كرمز لرجل آمن بأهمية التنمية المتوازنة، وأدار مشروعًا قوميًا سيغير وجه الصعيد الصناعي والاقتصادي. مشروع شركة أسيوط الوطنية لتصنيع البترول (أنوبك) لم يكن مجرد مجمع تكرير، بل حلمًا طال انتظاره لأبناء الجنوب، ورؤية تحققت بفضل قيادة واعية وخبرة متراكمة.

منذ بداياته المهنية عام 1982 في شركة جابكو (بترول خليج السويس)، تعلم محمد بدر قيمة العمل في الميدان؛ عشر سنوات قضاها في مواقع رأس شقير منحته خبرة عملية صقلت شخصيته القيادية. ثم جاءت محطة شركة إنبي في 1992، حيث تولى مسؤوليات التخطيط للمشروعات الكبرى، وأدار ملفات التوريدات والعقود، وأصبح رئيسًا للجنة البت، ليبرهن أنه قائد يعرف كيف يمسك بخيوط التفاصيل الدقيقة دون أن يغفل الصورة الكلية.

خبراته الفنية والإدارية والتنظيمية لم تتوقف عند ذلك، فإلى جانب مهامه في إنبي، قاد نادي إنبي الرياضي، ليظهر جانبًا آخر من شخصيته، يجمع بين الحزم في الإدارة والإنسانية في القيادة. وفي 2016، تولى رئاسة شركة OGS ثم بتروسبورت، قبل أن يأتي قرار وزير البترول بتكليفه بقيادة مشروع أنوبك في أسيوط؛ القرار الذي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

ولم يكتف بدر الدين بخبراته الميدانية فقط، بل دعم مسيرته العلمية بماجستير في إدارة الأعمال من جامعة القاهرة، ودبلومة في إدارة المشروعات من الجامعة الأمريكية، وأخرى في إدارة مشروعات التشييد من جامعة عين شمس، ليجمع بين العلم والخبرة في توليفة نادرة تصنع القادة الحقيقيين.

مشروع أنوبك.. قصة نجاح تقودها حكمة القيادة

تحت قيادة محمد بدر، تحوّل مشروع أنوبك إلى علامة فارقة في تاريخ الصناعة البترولية بالصعيد.
•استثمارات ضخمة بلغت 2.9 مليار دولار جعلت المشروع واحدًا من أكبر مشروعات التكرير في جنوب مصر.
طاقة إنتاجية تصل إلى 2.5 مليون طن سنويًا، تُحوِّل المازوت منخفض القيمة إلى منتجات عالية الجودة مثل السولار EURO-5 والبوتاجاز والنافتا والكبريت.
•سيوفر المشروع آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ليصبح محركًا اقتصاديًا حقيقيًا للصعيد، وينعش الصناعات المغذية والخدمات اللوجستية في المنطقة.
•سيقلل الاعتماد على نقل الوقود من الوجه البحري إلى الجنوب، محققًا الاكتفاء الذاتي لمحافظات الصعيد.

تمويل متوازن وتكنولوجيا عالمية

بفضل رؤية قطاع البترول ورؤيته المتوازنة، جرى تمويل المشروع من خلال تحالف بين البنوك المحلية والدولية بقيادة البنك الأهلي وبنك مصر وبنك القاهرة، ما أتاح قروضًا تغطي أكثر من 70% من التكلفة، بينما جاءت النسبة المتبقية من مساهمات هيئة البترول والشركات الوطنية.

على الجانب الفني، استعان بدر الدين بأحدث تكنولوجيات التكسير الهيدروجيني من UOP – هانيويل الأمريكية، لتضمن مصر لأول مرة منتجات بترولية بمعايير أوروبية (EURO-5) في قلب الصعيد.

مقارنة تكشف أهمية الرؤية

إذا كانت ميدور بالإسكندرية تخدم الوجه البحري والأسواق التصديرية، فإن مشروع أنوبك جاء ليسد الفجوة في الجنوب، ويضع الصعيد على خريطة مشروعات الطاقة الكبرى. أما مشروعات البتروكيماويات مثل إيثيدكو وإيلاب، فتركز على الصناعة التحويلية، بينما أنوبك يمد السوق المحلي بمنتجات أساسية تمس حياة المواطنين اليومية.

قيادة بحجم الحلم

نجاح مشروع أنوبك لم يكن مجرد نتيجة طبيعية لاستثمارات ضخمة أو تكنولوجيا متقدمة، بل ثمرة قيادة واعية تعرف كيف تدير الموارد، وتبني فرق العمل، وتؤمن بأن التنمية لا تكتمل إلا بعدالة جغرافية تصل إلى كل ربوع الوطن.

إن قصة المهندس محمد بدر تؤكد أن المشروعات العملاقة لا تحتاج فقط إلى تمويل وخطط، بل إلى عقل قيادي يرى أبعد من الأرقام، ويضع الإنسان والمكان في قلب التنمية. وهذا ما جعل من مشروع أنوبك نموذجًا ملهمًا لما يمكن أن تصنعه القيادة الحكيمة حين تتلاقى مع رؤية الدولة الطموحة.
#المستقبل_البترولي




تم نسخ الرابط