السبت 26 يوليو 2025 الموافق 01 صفر 1447

أحمد رفعت يكتب: هذا هو عبدالناصر يا خالد يا أبو بكر!

626
أحمد رفعت
أحمد رفعت

اختار خالد أبو بكر الإعلامي والقانونجي والدولي، إلخ، ذكرى ثورة يوليو ليستخف دمه، اعتقادًا منه أنه خفيف الظل، فقال: "أين كان جمال عبد الناصر وصلاح نصر يفعل ما فعل، وأين كان ونكسة ٦٧ تحدث؟!"
بالطبع، رغم أنه تجاوز الطفولة، لم يدرك أبو بكر الفرق بين خفة الظل وخفة الوزن.. ولكن على كل حال، سنجيب على سؤاله، الذي هو إنتاج وتكرار ممل وسخيف لإساءة الإخوان التي وجّهوها طوال نصف قرن تقريبًا بالصياغة ذاتها.. وعليه وعليهم نقول:

كان عبد الناصر يبني مصر الحديثة، التي كانت بلا جهاز مخابرات عظيم فبناه، وبعد أن كانت بلا جهاز للرقابة الإدارية فأسسه، وبلا رقابة دستورية فأنشأ المحكمة الدستورية العليا (المحكمة العليا أولًا قبل تغيير اسمها عام ١٩٧٧)، وأسس أول هيئة موقّرة للنيابة الإدارية، ثم استكمل بناء الدولة الحديثة فأسس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، والمركزي للتنظيم والإدارة، والمركزي للمحاسبات، وأطلق معاهد التخطيط القومي (عقل مصر الاقتصادي)، والقومي للبحوث العلمية، والقومي للبحوث الاجتماعية، ومركز البحوث الزراعية، ومركز بحوث البناء، ومركز الدراسات الإفريقية، ومعاهد القلب القومي، وتيودور بلهارس للكبد، والسمع والكلام بإمبابة، والأورام القومي بالقصر العيني، ومستشفى معهد ناصر على كورنيش شبرا، ومعهد الرمد، والمدينة الصناعية بشبرا، وكورنيش القاهرة نفسه، وما عليه من التلفزيون المصري وبرج القاهرة، وخلفه المصل واللقاح، والتأمين الصحي، والتأمين الاجتماعي، والقومسيون الطبي، وأكثر من ألفي وحدة مجمعة في الريف المصري، بناها الدكتور النبوي المهندس، مؤسس البنية الصحية لمصر.

كان عبد الناصر، يا سيد أبو بكر، يؤسس وكالة أنباء الشرق الأوسط، وهيئة الاستعلامات، وأكاديمية الفنون بمعاهدها الثمانية للسينما والمسرح والموسيقى العربية والنقد الفني والفنون الشعبية وغيرها، ويؤسس دار الكتب، ومعرض الكتاب، والمركز القومي للترجمة، ويأخذ بيد فرقة رضا إلى العالمية، ويؤسس معها السيرك القومي، ومسرح البالون، ومسارح الطفل والطليعة، وكان يطلق محافظة الوادي الجديد، ويؤسس مصيف المعمورة، وكذلك جمصة، ومديرية التحرير (مركز بدر الآن، أكبر مراكز الزراعة في مصر)، وغيرها، وكان يبني ويشيد:

شركة الألبان الجديدة، وشركة التبريدات السريعة، ومصنع نسر لإطارات السيارات،
مصنع الصناعات الكيماوية، والنيل للغزل الرفيع بالإسكندرية، والنصر للتلفزيون بكورنيش المعادي،
ومصنع كتان الشرق بالإسكندرية، ومصر للألبان بالأميرية، وطنطا للزيوت، وسيماف لعربات السكك الحديدية والمترو،
مصر لحليج الأقطان بقوص قنا، ومصر للمستحضرات الطبية بالمطرية، وغزل شبين بالمنوفية، ومصنع المواد الكيماوية بالمحلة،
الشركة المصرية لمنتجات الكهربائية، وشركة الكتان بالمحلة، والنصر للسيارات بوادي حوف، وتجفيف البصل بسوهاج، وستيا بالإسكندرية، ومصر للحرير الصناعي بكفر الدوار،
وترسانة الإسكندرية لصناعة السفن، ومصانع شركة الوجه القبلي (مصر العليا) للغزل والنسيج بسبعة مصانع حتى واحدة، ومصانع الأدوية بأبو زعبل، التي وفرت احتياجاتنا من الدواء حتى قبيل الانفتاح، ودمياط للغزل والنسيج، والنصر للسكر وتكريره بإدفو - أسوان، وكيما للأسمدة والكيماويات بأسوان، وقها بالقليوبية، ومصانع شركة المواسير والصلب، والنسيج الجديد بكفر الدوار، وراكتا للورق، والعربية للأدوية بكوبري القبة، وبنها للصناعات الإلكترونية، ومصانع شركة المواسير والصلب، والأحبار بشبرا، والعربية للأدوية بكوبري القبة، ومجموعة المصانع الحربية بحلوان، وشركة التمساح لبناء السفن بالإسماعيلية، والمازوت بالسويس، وأسمنت حلوان، والذخيرة الحية بحلوان، والطائرات بالإسكندرية، والألومنيوم بنجع حمادي، والحديد والصلب بحلوان أيضًا، وغيرها وغيرها.

كان عبد الناصر مشغولًا بتزعم إفريقيا وتحريرها، ويقود وطنه العربي، ويؤسس عدم الانحياز، ويبني السد العالي، ويسترد للمصريين قناتهم وثروتهم، ويحارب في بورسعيد، والاستنزاف في سيناء، ويتابع تدمير إيلات، وإغراق الحفار، وتقارير الهجان، ويواجه الإخوان في مصر كلها، ويتابع أسرة في المنصورة انفجر لديهم موقد كيروسين، وشكوى طالب فقير استغاث به، فواحد صار عميدًا للاقتصاد والعلوم السياسية، والثاني صار وزيرًا للثقافة! وغيرهم وغيرهم.. وغيرها وغيرها مما يتعذر رصده، ولا حتى نشره - في مقال - ولا حتى استيعابه!!

كان يمكن لأبو بكر أن يهاجم عبد الناصر طوال العام.. وهو يفعل ذلك فعلًا مع غيره في أوقات فراغهم.. لكن كانت اللياقة تقتضي إما المشاركة في ذكرى الثورة الأم للبلاد، التي أسست لنظامنا الجمهوري وطردت الاحتلال الأجنبي، وهي بالمناسبة ليست ثورة عبد الناصر وحده، حتى لو كان زعيمها.. أو أن يصمت!

مشكلة أبو بكر أنه لا يقرأ.. ثقافة سمعية خفيفة.. والثقافة كالطعام الشهي.. لا يمكن إخفاؤها، وإن أخفيتها تسربت رائحتها!

وأبو بكر لا يقرأ، ونتحدى.. حتى لو أقسم ألف مرة!!
 




تم نسخ الرابط