مجرد رأي: ضمّ المؤهل ومتضرري القانون ٧٣
لأول وهلة تعتقد أنه لا يوجد رابط بين هذه المشكلات، وأن كل مشكلة تعيش في وادٍ يبتعد عن الآخر، ولكلٍ ظروفه المختلفة. ولكن عندما تهتدي وتعيد قراءة قصة حياة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، ستعلم أن كل هذه المشكلات لها قاسم مشترك واحد.
الدكتور طه حسين هو أحد مُحدِثي الأدب العربي العظماء، نال أرفع الدرجات العلمية من الداخل والخارج، وتقلّد وزارة التربية والتعليم، ولكنه على كل ذلك لم ينل «عالمية الأزهر الشريف»، ليس لأن مستواه العلمي لم يكن يسمح له بذلك، ولكن لأنه كان مجادِلًا للعلماء الكبار القائمين على تدريسه، وهذا من المحرمات لديهم، ولم ينل تلك الدرجة الرفيعة أبدًا.
هي نفس المشكلة التي تواجه كل أصحاب المشكلات المذكورة، ألا وهي الجدال . كثير من مشكلاتنا ليس لها جذور سوى رغباتنا أو احتياجاتنا فقط، دون النظر إلى مسوغات تحقيقها. ندخل في نقاش وجدال لا نهاية له، وكلٌّ منا يعتقد أنه على صواب، وما عدا ذلك باطلًا. ثم ندخل في حلقة مفرغة من الاستغاثات والشكوى واتهام المسؤولين بالتعنّت وقسوة القلب.وهذا من حق الناس، لأن وجهات نظر المسئولين لا مبرر لها أيضاً .
المشكلة أنه لم يكلّف أحدٌ من أصحاب هذه المشكلات نفسه أن يسأل المدير أو المسؤول الذي أوسعه نقدًا وهجومًا: ما قول القانون في هذه المشكلة، ودعنا نحتكم إليه؟ نعم، هكذا وبكل بساطة. مع الوضع فى الاعتبار أن لا أحد يرد فى الغالي، لكن إذا تم الرد ولم يكن شافيًا أو مقنعًا، فإن القضاء بمختلف أنواعه ودرجاته هو حق دستوري للجميع، لا منازعة فيه.
كثرة الجدال والحديث تميت القلب، وتجعل المشكلة ممجوجة لا اعتبار لها. أي خلاف لا يجب أن يزيد على التساؤل والبحث فيما تقرّه القوانين في مثل هذه المشكلة أو تلك، بعد ذلك يكون للقضاء الكلمة النهائية والعليا التي تسري على الجميع، دون الدخول في معارك على وهم أن من يفوز بها هو صاحب الصوت الأعلى.
حالة الجدال والتلاسن والاستغاثات والهجوم ، أيًّا كانوا، هي نوع من تضييع الوقت فيما لا يفيد أو يُجدي، وهذا في النهاية القول الفصل.والسلام،،
#سقراط