الجمعة 18 يوليو 2025 الموافق 23 محرم 1447

عايدة محي… ما بين التكريم والرحيل

1366
المستقبل اليوم

في خطوة فاجأت كثيرين داخل الأوساط النقابية في قطاع البترول، تم إعفاء السيدة عايدة محي من منصب الأمين العام للنقابة العامة للبترول، وأمينة المرأة، وتعيين المحاسب أحمد السروجي بدلاً منها، في طريقة جديدة للعودة لمكانه الذي كان يشغله قبل اكثر من عام ونصف، حدث ذلك دون إعلان رسمي عن الجهة صاحبة القرار أو أسبابه الواضحة.

عايدة محي لم ترحل عن موقعها النقابي ، فهي لاتزال نائب رئيس النقابة العامة للبترول لشؤون المراة 
ورئيس سكرتارية المراة والطفل باتحاد عمال مصر ورئيس الاتحاد المحلى للعاصمة الادارية والشروق وبدر 
ونائب رئيس لجنة المراة بمظمة العمل العربية نائباً لرئيس ، لكن تركها للأمانة لم يكن حدثاً عادياً، فالمرأة التي شغلت أحد أهم المواقع القيادية في التنظيم النقابي البترولي، صنعت لنفسها مكانة خاصة قبل أن تشغل المنصب. ببعيداً عن الخلافات والتباينات في الرؤى، كانت – ولا تزال – تجمعها علاقات طيبة مع معظم النقابيين والعاملين في القطاع، وهي علاقات بُنيت على سنوات من العمل الميداني والدفاع عن حقوق العاملين.

طوال فترة توليها منصب أمين عام النقابة وأمينة المرأة، أبلت عايدة محي بلاءً حسناً، بحسب كثير من المراقبين. كانت حاضرة في كل قضية تمس العاملين، لا تتردد في التعبير عن موقفها، وتحرص على أن تكون هموم المرأة العاملة حاضرة على طاولة النقاش النقابي، في وقت كان فيه الحضور النسائي على هذا المستوى من التمثيل لا يزال محدوداً.

لكن، وكما في أي عمل عام، لم تخلُ المسيرة من بعض الانتقادات. فهناك من رأى أن مواقفها أحياناً كانت سبباً في تأجيج بعض الخلافات داخل التنظيم النقابي، فيما رأى آخرون أنها كانت تتحرك بدافع الحماسة والرغبة الصادقة في التغيير، وربما اصطدمت في طريقها ببعض العقليات التي لا ترحب بمن يخرج عن السياق المعتاد.

ومع ذلك، فإن ما لا يمكن تجاهله هو أن العلاقات الطيبة التي جمعت عايدة محي مع زملائها ظلت هي القاسم المشترك في مسيرتها، حتى في لحظة الرحيل. فقد ودّعها الكثيرون من العاملين بتقدير واحترام، مشيدين بما قدمته، ومؤكدين أن الخلاف في الرأي لا يجب أن يُفسد علاقات العمل التي يجب أن تقوم دائماً على التفاهم والمصالح المشتركة.

أما من خَلَفها في المنصب، المحاسب أحمد السروجي، فهو من الوجوه النقابية المعروفة في الأوساط ، ولا يُنتظر أن يُثبت نفسه في هذا الموقع الذي يتطلب قدرًا عاليًا من الحنكة والقدرة على إدارة الملفات الحساسة، لأنه ليس جديداً عليه ، فقد افنى سنوات طويلة من عمره داخل جدران النقابة ، خاصة في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية ضاغطة يمر بها العاملون في القطاع على مدار سنوات .

وفي ظل هذه الحالة التي تعيشها نقابة البترول، وفي ظل غياب التصريحات الرسمية ، يبقى التغيير سُنة العمل العام، وتبقى ذكريات عايدة محي في النقابة جزءًا من ذاكرة العمل النقابي في البترول. قد تختلف التقييمات، لكن ما يتفق عليه الجميع هو أن الحوار والاحترام هما أساس الاستقرار داخل أي كيان. وقطاع البترول – الذي اعتاد أن يكون بيتًا كبيرًا لكل العاملين فيه – لا يليق به إلا أن يكون ساحة للمحبة لا للخصومة، وللتكامل وليس للتناحر والقيل والقال .

ولعلها فرصة لأن يُعاد التذكير بأن الوجوه تتغير، لكن المبادئ والقيم تبقى، وأن كل من خدم هذا القطاع يستحق التقدير، بصرف النظر عن مكانه أو موقفه أو تصرفاته ، فالإنسان بطبعه متغير ومتقلب ولو لم يكن هكذا ما سُمي إنساناً .

#سقراط




تم نسخ الرابط