الخميس 18 ديسمبر 2025 الموافق 27 جمادى الثانية 1447

أحمد راندي… حكاية أخرى

2416
أحمد راندي
أحمد راندي

امتدادًا لتقرير حكاية محمد الباجوري، يدخل أحمد راندي على خط تصوّرات «مراكز القوى» المزعومة التي يتداولها العامة، وكأنها أصبحت نوعًا من ثقافة الفكر والتعامل لا ينبغي التنازل عنها. هذا المنصب تولّاه قبل أحمد راندي عظماء كبار وأساتذة لهم شأن في العمل البترولي وإدارته، مثل إيمان عرفي، وإبراهيم خطاب، وغيرهم.

والتلمذة في البترول سياسة قديمة ولها جذور، وكل قيادة تتولى منصبًا مهمًا يكون لها، بالتبعية، زملاء وتلاميذ يكونون عادة محل ثقتها وأقربهم للاختيار. فعندما تولّى المهندس عبد العليم طه رئاسة الهيئة، وهو أحد أبناء بتروبل القدامى، تجد أن اختياراته وترشيحاته اتجهت نحو زملائه وتلاميذه في بتروبل، وخلال فترة تولّيه رئاسة الهيئة تجد أن معظم رؤساء الشركات في ذلك الوقت كانوا من بتروبل. وفي زمن مؤنس شحات تجد أن شركتي خالدة وقارون قد تصدرتا مشهد القيادات في معظم الشركات.

ليس هناك بالطبع ما يمنع ذلك، والذي لا يعلمه الكثيرون أن هذه الاختيارات تضع عبئًا على صاحبها، إذ يتحمل مسؤولية الاختيار أمام الوزير، حيث يتوجب أن تكون هذه القيادات على مستوى المسؤولية الموكلة إليها وتحقق الأهداف المطلوبة منها.

وهكذا تتلمذ أحمد راندي على يد الأستاذ إبراهيم خطاب، وتشبع من خبرته، وكان محل ثقته، وهي ثقة صعبة المنح، لأن هذا الموقع تحديدًا يتطلب مواصفات غاية في الدقة من حيث الخبرة، والمرونة، والإلمام التام باللوائح والقوانين، والكتمان، والصبر على الهجوم والشائعات بثبات انفعالي عالٍ وعدم التفاعل معها.

ولا شك أن موقع ووظيفة أحمد راندي غاية في الحساسية، لأنها تتعامل مع أدق شؤون العاملين، وسيرهم الذاتية، والتقارير الرقابية الخارجية الخاصة بهم. وهنا تكمن التصورات والأوهام لدى البعض بأنه يسيطر على كافة هذه الأمور، وأنه من يحدد اسم المرشح ويوافق عليه. وهذا الشعور والتصور منبعه الجهل الإداري الذي يعاني منه الكثيرون، نتيجة عدم معرفة الخطوات الصحيحة وحلقاتها المتتابعة حتى يتم إصدار القرار في صورته النهائية.

لا يمكن بأي حال من الأحوال، في هذا الزمن ومع انتشار المعرفة والمعلومات، أن يظل التفكير قاصرًا على تخيلات لا أساس لها من الواقع، لأن أي قرار، مهما كان نوعه، يخضع لمنظومة مؤسسية متكاملة، وهو عضو واحد فيها، تنتهي عنده كافة الآراء والترشيحات مدعومة بالمستندات والاعتمادات، ليقوم بوضعها في صيغتها النهائية بالشكل الإداري والقانوني الصحيح.

نحن لسنا في مسلسل لإقناع من يريد أن يثبت عكس ذلك، وليس على صاحب هذه الحكاية أن يقوم بتبرير أو تفنيد أي قرار يُتخذ، ولكنه سرد لواقع وحقيقة غائبة أو مغيّبة بمعرفة كثيرين، منهم من هو ناقم، وآخر من فاته القطار لأسباب أول من يعرفها هو صاحبها.

أحمد راندي حكاية أخرى من حكايات «مراكز القوى» المنتشرة بين جنبات العاملين، تحوطها الكثير من التهويل والشائعات، على الرغم من أن أساس الموضوع وجوهره الصحيح أسهل وأبسط من ذلك بكثير.

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط