حركة كسر الطوق والإستفتاء (تقرير)

أخيرًا، وبعد طول انتظار، صدرت حركة مؤثرة بالفعل لا يمكن وصفها إلا بأنها حركة لكسر الطوق الذي فُرض حول الوزير – لسبب أو لآخر – وكاد أن يقوده إلى المجهول.
منذ أن تولى الوزير منصبه، لم يهدأ الرجل، ساعيًا لإعادة عجلة الاستثمار للدوران من جديد بعد أن تأثرت بشدة خلال العامين الماضيين. تركيزه على العلاقات الدولية والخارجية دفعه – في مرحلة معينة – للاعتماد على أهل الثقة. وهنا بدأت المشكلة الحقيقية، حيث فُرض عليه طوق حديدي تحكم في كل ما يخص أعمال الوزارة، من طريقة إصدار القرارات إلى أسلوب التعامل مع الإعلام.
وكان حديث (سقراط) في مقاله “استفتاء على استمرار الوزير” بمثابة رسالة تحذير واضحة بأن نجاح التجربة أصبح على المحك. ولم تمضِ ساعات حتى ظهرت الحركة الجديدة، لتعيد الأمور إلى نصابها وتكسر طوق العزلة المفروض على وزير مجتهد، تشوهت صورته كثيرًا بسبب الأداء الإعلامي الكارثي وطريقة صياغة البيانات والتواصل مع وسائل الإعلام الخارجية.
الواقع أن الوزير لم يكن يستحق هذا الظلم الإعلامي، لأنه يبذل قصارى جهده في وقت يشهد هبوطاً للإنتاج، وسط قيادات لا همّ لها سوى مصالحها الشخصية، ولا تعبأ بأوضاع البلد الذي تعيش فيه.
ولا جدال أن الإرهاق قد تمكن من المهندس يس محمد، رئيس “إيجاس” السابق، بعد فترة عصيبة لتأمين احتياجات البلاد من الغاز، ليصبح استثمار خبراته ودبلوماسيته وهدوئه في منصبه الجديد أمرًا مناسبًا. فيما جاء خلفه المهندس محمود عبد الحميد بنشاطه المعهود وبنهج الـ Micro Management – كما وصفناه سابقًا – ليتسلم دفة “إيجاس” في وقت صعب، وهو اختيار موفق يعيد المتابعة اللصيقة والتحقق الفني بدرجة أعلى نحتاجها الآن.
كما جاءت إعادة تشكيل الدائرة الفنية والإعلامية بمكتب الوزير في توقيت بالغ الأهمية، وبوجوه شابة تبدو متحررة من عقلية السيطرة والانفراد بالرأي. ونأمل أن يشهد الملف الإعلامي تغييرًا جذريًا، خاصة فيما يتعلق بالشكل الممل لبيانات الوزارة، لتصبح مختصرة ومحددة تعبر عن الحدث بموضوعية، بعيدًا عن الإفراط في إبراز الجهد. كما نترقب أسلوبًا احترافيًا في التعامل مع الإعلام الخارجي، وإصلاح الصورة الباهتة لمجهودات الوزير والوزارة.
أما حركة تغييرات رؤساء الشركات، فقد أعادت بعض التوازن لعدد من الشركات، وإن كانت لا تزال تحتاج لمزيد من الخطوات، إلا أنها تمثل بداية على الطريق الصحيح.
إنها بالفعل حركة توحي بأنها استفتاء على استمرار الوزير في موقعه، ورسالة تؤكد أنه أصبح الآن مؤثرًا في دولاب العمل داخل وزارته، لا العكس. وهذه هي أولى خطوات نجاح تجربته، وتجديد الثقة به للاستمرار في الحكومة الجديدة.