أيمن حسين يكتب: في رثاء محمد حمدي عبدالعزيز

الموتُ حق، والفراقُ ألمٌ لا يُحتمل، ولا أحد منا يجهل أن الموت قدر محتوم، وسُنة كونية لا فكاك منها، لكن الحقيقة الأصعب من الموت نفسه، هي ذلك الألم الغائر في القلب حين يرحل من نحب، فالموت، رغم إيماننا به، لا يُخفف وطأة الفقد، ولا يُهدئ وجع الحنين، ولا يُطفئ دمعة الفراق.
ودعنا محمد حمدي عبدالعزيز… ودعنا قلبًا نقيًا، ووجهًا باسمًا، وروحًا طيبة لا تُنسى ، محمد لم يكن مجرد زميل عمل، بل كان أخًا صغيرًا، بل ابنًا أعتز به كما لو كان من لحمي ودمي، دخل حياتنا بهدوء، واستقر في القلوب بثبات، ومضى عنها كما يمضي الطيبون دائمًا…في صمتٍ، ووقار، ووجع.
أذكر جيدًا يومه الأول في شركة إيجاس، كان شابًا خجولًا، مهذبًا، يفيض أدبًا وتواضعًا. ومع الأيام، صار صديقًا مقربًا، ثم أخًا لا يُعوض. كان محمد مثالًا في حسن الخلق، لا يعلو صوته، ولا يعرف طريقًا للغيبة أو الشكوى، وكان لا يُسمع منه إلا كل خير.
كنت دومًا أقول لوالده الكريم، الأستاذ حمدي عبدالعزيز، أحد أعمدة قطاع البترول: يا أستاذ حمدي، والله أتمنى أن يكون أولادي في خلق محمد وتربيته ،أنت لم تُربِّ ابنًا فقط، بل أنشأت رجلًا يشرّف أي بيت وأي مكان.” ولم هذه تكن مجاملة، بل حقيقة نطقت بها من أعماق قلبي.
لكن…ماذا نقول أمام قضاء الله؟ فاجعة الرحيل ثقيلة، وما زال عقلي يرفض التصديق.
أتمنّى أن يكون حلمًا، وسأصحو منه بعد لحظات، لكنّه الواقع… محمد قد رحل.
إن أشدُّ ما يُوجع القلب، أن محمد رحل وهو أب لطفل صغير، لم يُكمل عامه الأول، أشدُّ ما يُنهك الروح، أنه عانى مرضًا قاسيًا، وألمًا كبيرًا في شهوره الأخيرة، لكنه صبر واحتسب ورضي.
محمد لم يكن مجرد اسم في دفتر الغياب…
بل كان نورًا في المكان، وسكينة في الحديث، وأخلاقًا تمشي على الأرض، وها هو يرحل، لكنه يترك لنا سيرةً عطرة، وذكرى لا تُنسى، ودمعة لا تجف.
اللهم اغفر له، وارحمه، ووسّع مدخله، واجعل قبره روضة من رياض الجنة.اللهم أنزله منازل الصالحين، وبلّغ روحه السلام منّا جميعًا.
اللهم اربط على قلب أبيه وأمه ورفيقة دربه، وكل من أحبه بصدق.
وداعًا يا محمد…
وداعًا أيها الطيب النقي.
وستبقى ذكراك عطرًا لا يُنسى، وأثرًا طيبًا لا يموت، وسيرتك نبراسًا لكل من عرفك. و“إنا لله وإنا إليه راجعون”
كاتب الرثاء- مدير عام الإعلام – جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز