الجمعة 21 نوفمبر 2025 الموافق 30 جمادى الأولى 1447

لماذا أقحمت وزارة الزراعة إسم البترول في بدلات الحراسة ؟

484
المستقبل اليوم

شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية حالة من الجدل بعد تداول خطاب منسوب لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، يتضمن تخصيص مبالغ مالية كبيرة لطاقم الحراسة الخاص بالوزير، مع الإشارة إلى أن هذه المخصصات تمت “استرشادًا” بما تقدمه وزارات أخرى، وعلى رأسها وزارة البترول والثروة المعدنية.

ورغم أن الخطاب المتداول يقال إنه يعود إلى عام 2024، فإن ظهوره المفاجئ الآن يثير العديد من التساؤلات حول توقيت تسريبه ودوافع إعادة طرحه في هذا الوقت تحديدًا، إضافة إلى التساؤل الأكثر حضورًا: لماذا لم ترد وزارة الزراعة حتى الآن؟


أولًا: لماذا خرج الخطاب الآن رغم صدوره في 2024؟

1. إعادة تدوير المستندات القديمة لخدمة الجدل الحالي، ويبدو أن موجة النقاش الحالية حول “الامتيازات والبدلات” في بعض الوزارات، وخاصة وزارة البترول، قد أعادت إحياء وثائق قديمة يُعاد تداولها كلما تجدد الحديث حول المزايا المادية للعاملين في مؤسسات الدولة.
الخطاب – وإن كان مؤرخًا في 2024 – خرج بالتزامن مع الجدل المحتدم داخل قطاعات عديدة حول “بدلات الانتقال” وارتفاع تكاليف المعيشة، ما يجعل أي مستند يتعلق بمزايا مالية مادة جاهزة للانتشار.

2. استغلال حالة الحساسية لدى العاملين:-

العمال في قطاعات مثل البترول والكهرباء والزراعة يعانون ضغوطًا اقتصادية واضحة، وأي حديث عن امتيازات لفئة بعينها يشعل الغضب سريعًا.وبالتالي قد يكون نشر الخطاب محاولة لاستغلال “مزاج عام متحفز”، لإثارة جدل أو الضغط على جهات معينة.

3. توقيت سياسي قد يرتبط بحركة تغييرات:-

عادة ما تتعرض الوزارات لهزات صغيرة في فترات التغييرات أو مراجعات الهياكل المالية.وقد يرى البعض أن تسريب الخطاب الآن محاولة للتأثير على قرارات أو توجيهات تخص بدلات الحراسة أو مخصصات القيادات.

4. غياب المعلومة الرسمية:-

عندما تغيب البيانات الواضحة يصبح أي خطاب قديم مادة للتأويل والتضخيم، مما يسهل إعادة تداوله مهما كان تاريخه.


ثانيًا: لماذا لم ترد وزارة الزراعة على “المهاترات”؟

وزارة الزراعة التزمت الصمت رغم الانتشار الكبير للخطاب، وهو ما يفتح بابًا واسعًا للتكهنات، لكن المتابعة تشير إلى عدة احتمالات منطقية:

1. الخطاب قد يكون إجراء داخلي قديم لا يستحق التعليق، وإذا كان الخطاب فعليًا يعود إلى 2024، فمن الطبيعي أن تراه الوزارة “مستندًا منتهيًا” ولا ضرورة للرد عليه. فالوزارات عادة لا تعيد فتح ملفات قديمة طالما لم يترتب عليها قرار جديد.و الرد الرسمي قد يعطي الخطاب قيمة أكبر مما يستحق، أو يدفع وسائل الإعلام إلى طرح تساؤلات إضافية حول تفاصيل بدلات الحراسة.
وفي أحيان كثيرة تختار الجهات الحكومية “التهدئة بالصمت” حتى تهدأ العاصفة.خاصةً وان ملفات الحراسة والمهام الخاصة عادة ما تندرج تحت نطاق السرية، لأي وزير أو مسؤول.
لذلك تتجنب الوزارات الخوض في تفاصيل الأعداد أو السيارات أو البدلات لأسباب تتعلق بالأمن، وليس فقط لتجنب الجدل.

وقد تكون الوزارة بانتظار مراجعة المستند داخليًا، فقد يكون "مضروب" وهي عادة ابتدعها بعض الموظفين داخل الوزارات 
لأن الخطاب “غير معمم” وغير ممهور بتوقيع رسمي والخطاب – حتى لو كان صحيحًا – ليس منشورًا على موقع رسمي، وبالتالي قد تراه الوزارة شيئًا لا يستوفي شروط الرد، لأنه لم يصدر عنها عبر قناة رسمية.


ما تم تداوله حول بدلات الحراسة في وزارة الزراعة ليس إلا وثيقة قديمة أعيد نشرها في توقيت حساس، تزامن مع ارتفاع الحديث عن البدلات والمزايا المالية في قطاعات مختلفة.
وإقحام اسم وزارة البترول كجهة تم الاسترشاد بها ساهم في رفع مستوى الجدل، وزاد من رغبة البعض في الربط بين موضوعين لا علاقة مباشرة بينهما.

وإلى أن تصدر وزارة الزراعة بيانًا رسميًا – إن قررت ذلك – سيظل ما يتم تداوله مجرد معلومات منقوصة, يجري توظيفها في سياق جدلي أكثر منه واقعي.
ويبقى الحل دائماً في الشفافية ، لأن غياب المعلومة الرسمية هو البيئة الأنسب لانتشار الجدل، وتضخيم المستندات غير المؤكدة، وفتح الباب أمام شائعات لا طائل منها.

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط