الخميس 20 نوفمبر 2025 الموافق 29 جمادى الأولى 1447

بدل التخصص.. حقّ لم يكتمل

2854
صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

تظل قيمة وحركة البدلات المادية واحدة من أدوات الجهة الإدارية لتعويض العاملين عن بعض الثغرات التي لا تعالجها اللوائح والقوانين، خاصة ما يندرج منها ضمن نطاق القوانين العامة الحاكمة.

وتأتي البدلات بمسوغات قانونية وإدارية واضحة، ثم يجري تحديد قيمتها بناءً على دراسة دقيقة لتكلفتها وأهمية تطبيقها وخصوصيتها. ويعد بدل التخصص واحدًا من هذه البدلات التي تعالج مسألة احتباس خبرة الموظف الفنية لصالح جهة العمل، باعتباره من أصحاب المؤهلات والخبرات التي تتيح له إمكانية العمل الحر لدى جهات خارجية أو في سوق العمل بالإضافة إلى عمله الأساسي.

واحتباس الخبرة مبرر قانوني وإداري جاد بلا شك، ويجب أن يكون تقديره المادي على مستوى المؤهل والخبرة. وقد جاء استحداث هذا البدل مؤخرًا بعد أن استشعرت الجهات الإدارية عمق التفاوت بين دخول هؤلاء العاملين ونظرائهم في سوق العمل الحر. ومع ذلك، فإن قيمته المادية ما تزال بعيدة عن أرض الواقع.

وهنا يبرز السؤال الأهم:
هل الحل في زيادة قيمة البدل؟
ومهما كانت الزيادة، هل ستصل إلى مستوى التوقعات؟

الإجابة تتضح إذا ما نظرنا إلى ما تطبّقه العديد من الأنظمة الإدارية في الدول العربية، والتي اعتمدت إلى جانب بدل التخصص بدلًا مكملًا مهمًا يُسمّى بدل الندرة. وقد طُبق هذا البدل في مراحله الأولى على التخصصات النادرة أو الدقيقة، بدءًا بمعلمي النحو والصرف وعلوم القرآن والتفسير والحديث، ثم امتد ليشمل بعض التخصصات الفنية والإدارية ذات الطبيعة الخاصة التي تستوجب تعويضًا عادلًا لندرة شاغليها.

وبالمثل، فقد أصبح لدينا في قطاع البترول كوادر نادرة، خاصة في المجالات الفنية المرتبطة بالحفر والاستكشاف والتكرير والتصنيع. وتحديد درجة الندرة يجب أن يُسند إلى لجنة من كبار الفنيين والإداريين لحصر هذه التخصصات بدقة، ومعرفة أعدادها الحالية، ومقارنتها بالاحتياجات الفعلية، ومن ثم تحديد من يستحقون بدل الندرة وفق مستويات مادية مختلفة.

ويُترك للشركات حرية تحديد القيمة العادلة لهذه المستويات، بناءً على احتياجاتها الفعلية، والتكلفة المحتملة للاستعانة بخبراء خارجيين في حال مغادرة هذه الكوادر للشركة. وبذلك يصبح البدل محفزًا حقيقيًا وجاذبًا للعامل، بما يمنعه من التفكير في الهجرة للعمل بالخارج.

لقد حان الوقت بالفعل للتعامل مع البدلات المادية بطريقة احترافية مؤثرة، لا أن تكون مجرد تعويض هامشي يظهر كرقم متواضع في بيان مستحقات العامل، بلا أثر ولا جدوى. كما يجب منح الشركات مساحة من الحرية في تحديد قيم بعض هذه البدلات، نظرًا لاختلاف الظروف بين شركة وأخرى من حيث الأعداد والاحتياجات وطبيعة شركائها.

وما حدث في عيد البترول الأخير يؤكد هذا المعنى؛ فلم يعد من الملائم تحميل السلطة المركزية كامل مسؤولية اتخاذ القرارات المتعلقة بالعاملين. فإذا كان الأمر كذلك، فما جدوى وجود مجالس إدارات الشركات؟

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط