الإثنين 06 أكتوبر 2025 الموافق 14 ربيع الثاني 1447

وداع مؤثر على رحيل محمد عاطف عن ميدور

9496
المستقبل اليوم

بالأمس غادر  محمد عاطف، أحد أعمدة شركة الشرق الأوسط لتكرير البترول “ميدور”، منصبه كنائب رئيس الشركة، ليتولى مهام نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول للتجارة الخارجية، وهو منصب يُنظر إليه باعتباره من أكثر المواقع حساسية وتشابكًا في قطاع البترول .

يمثل انتقال عاطف لحظة فارقة في مسيرته المهنية، فهو ليس مجرد موظف يغادر موقعه، بل هو أحد المؤسسين الأصليين لشركة ميدور، ومن أوائل من وضعوا حجر الأساس لهذا الصرح الحيوي منذ تأسيسه عام 1994. وقد عمل عاطف عن قرب مع كل من تعاقبوا على رئاسة الشركة، بداية من رجل الأعمال الراحل حسين سالم، أحد الشركاء المؤسسين، وصولًا إلى أحدث القيادات.

ورغم ما يبدو على السطح من “ترقية”، إلا أن المقربين من عاطف يؤكدون أن مغادرته ميدور ليست سهلة نفسيًا عليه، إذ تربطه بالشركة علاقة تتجاوز حدود الوظيفة، إلى ما يشبه الانتماء العائلي والتاريخي. فمنذ عقود، كان جزءًا من كل مرحلة تطوير وتحدي مرت بها الشركة، وعاصر تحولات كبيرة في بنيتها وملكيتها، بدءًا من شراكة رجال الأعمال، مرورًا بتولي البنك الأهلي للأسهم، وانتهاءً بانتقالها الكامل إلى مظلة الهيئة العامة للبترول.

يشكل موقع نائب رئيس الهيئة للتجارة الخارجية أحد أكثر المناصب تطلبًا في قطاع البترول، حيث يتعامل بشكل مباشر مع ملفات حساسة مثل استيراد وتصدير المنتجات البترولية، وتأمين احتياجات السوق المحلي، والتفاوض مع شركاء دوليين وسط تقلبات أسواق الطاقة العالمية. وهو منصب يُوصف بين أروقة الهيئة بأنه “محاط بالأشواك”، نظرًا لحجم الضغوط الفنية والسياسية والاقتصادية المرتبطة به.

لكن من يعرفون عاطف يرون أنه قد يكون الأقدر على مواجهة هذه التحديات، بفضل خبراته المتراكمة في الصناعة، ومعرفته الدقيقة بتفاصيل التجارة، وعلاقاته التي نسجها على مدى سنوات داخل وخارج مصر، غير أن هناك تخوفات، فهذا المنصب لا يبقى فيه أحد على حاله ولعلكم تقراءون التاريخ جيداً.

لكن أروقة شركة ميدور شهدت مشاعر مختلطة فور الإعلان عن مغادرة الدكتور عاطف. فبينما عبّر الكثير من العاملين عن فخرهم بتولي أحد رموزهم لمنصب رفيع في الهيئة، لم يُخفِ البعض حزنهم لفقدان شخصية محورية لعبت دورًا في استقرار وتطور الشركة على مدار أكثر من ربع قرن، بينما وصف طرف ثالث أن هذه الخطوة تأخرت كثيراً، فلم يسبق ان ظل موظف مؤثر في مكانه طيلة هذه السنوات .

وقد وجه عدد من العاملين الحاليين والسابقين تحية خاصة لمحمد عاطف، مشيدين بدماثة خلقه، وحنكته الإدارية، ووفائه للمكان الذي اعتبره دومًا بيته الأول.

غير أن هذه الخطوة تمثل نقلة جديدة في مسار رجل لطالما ارتبط اسمه بميدور، لكنها أيضًا بداية فصل جديد في خدمته لقطاع البترول في واحدة من أدق مراحل تطوره، في ظل متغيرات إقليمية ودولية متسارعة، لكن تبقى الحكمة (لا شيء يدوم للأبد) وهو ما تحسب له محمد عاطف منذ أكثر من عام ، فقد كانت هناك إرهاصات تؤكد رحيله عن ميدور .




تم نسخ الرابط