الثلاثاء 07 أكتوبر 2025 الموافق 15 ربيع الثاني 1447

كل البدايات تتشابه: العلاقة بين وزراء البترول والإعلام

668
رئيس التحرير
رئيس التحرير

من يتأمل العلاقة بين وزراء البترول والإعلام عبر السنوات، يدرك أن معظم البدايات تتشابه، لكن النهايات تختلف.

قبل أكثر من عشر سنوات، ومع تولي المهندس طارق الملا حقيبة وزارة البترول، سعى جاهداً لإنشاء منظومة إعلامية خاصة به. بدا الهدف في ظاهره نبيلاً: توحيد الخطاب الإعلامي للقطاع. لكن في جوهر الأمر، كان المسعى يستهدف تضييق الخناق على الأصوات الإعلامية المستقلة، ومنع النقد المباشر لسياسات الوزير، بحيث لا يجد من يقول له: “أصبت هنا، وأخطأت هناك”.

لهذا الغرض، أطلق الملا موقعاً إلكترونياً متخصصاً لنشر قرارات الوزارة وأخبارها، في محاولة لجذب العاملين في القطاع بعيداً عن المنصات الصحفية القائمة، وفي مقدمتها موقع المستقبل الذي كان يشكّل شوكة في خاصرته. ومع ظهور موقع باور نيوز ازدادت حدة المواجهة الإعلامية، وسرعان ما انتهى المشروع إلى الإغلاق وسط تبادل الاتهامات بين القائمين عليه، والذين خرجوا لاحقاً إلى التقاعد.

وبعد عام واحد فقط، خضع الملا للمنطق، وأدرك أن الإعلام الخارجي صناعة لا يمكن محاصرتها أو استبدالها ببدائل شكلية. لكنه اختار طريقاً آخر، تمثل في فرض قيود صارمة على القيادات ورؤساء الشركات، بحيث لم يجرؤ أحد طوال فترة وزارته على الإدلاء بتصريحات إعلامية إلا بعد موافقة شخصية منه، وغالباً بشرط أن يبدأ الحوار بمدح الوزير نفسه.

ومع مرور السنوات، آمن الملا – وإن كان مرغماً – بأهمية الإعلام، رغم ما عُرف عنه من كراهية واضحة للصحفيين والإعلاميين. وهكذا انتهت تجربته الإعلامية كما بدأت: بالتحكم والسيطرة، لا بالشراكة والتقدير.

المشهد ذاته تكرر مع وزير البترول الحالي، الذي استعان بمستشاره الإعلامي معتز عاطف. لقرابة أحد عشر شهراً، بدا وكأن الوزارة تعيد إنتاج تجربة الملا في بداياته، لكن سرعان ما اصطدمت السياسة الإعلامية بالواقع. فالإعلام الحر والمتعدد المنابر فرض حضوره، وتعرض الوزير لضغوط وانتقادات من مختلف أجهزة الدولة، لتكون أقلام الصحفيين المستقلين أول مسمار في نعش هذه السياسة، وآخرها في خروجه من المنصب.الى أن جاء الأستاذ محمد داوود لينسج خيوط الود والمحبة والتعاون من أول يوم ، ولا ينسى أحد منا أبداً أنه كان أول المعترضين على سياسة سابقه الإعلامية ، لذا فقد آثر البعد وجلس في بيته حتى رحل من سبقه ليأتي هو بقرار لم يسعى إليه، إنما سبقته سمعته فوقع عليه الإختيار .

وإذا عدنا بالذاكرة إلى عهد المهندس سامح فهمي، نجد أن الإعلام كان آنذاك إدارة تابعة للشئون الإدارية في الهيئة العامة للبترول، يشرف عليها شقيقه التوأم هادي فهمي، نائب رئيس الهيئة للشئون الإدارية. ونجحت محاولات الوقيعة بين الوزير وتوأمه، فى أصدر قراراً بنقل إدارة الإعلام إلى الوزارة. ومع ذلك، ظل سامح فهمي يقدّر الإعلام ويمنحه مساحة، وإن كان حريصاً على بقائه تحت مظلته المباشرة.

أما في عهود الوزراء محمود لطيف، وعبدالله غراب، وأسامة كمال، وشريف هداره، وشريف إسماعيل، فقد عاش الإعلام أزهى فتراته من حيث الحرية. السبب كان مزدوجاً: اشتعال ثورة 25 يناير وما تلاها من أجواء انفتاح، ثم إيمان بعض الوزراء بدور الإعلام، وعلى رأسهم المهندس أسامة كمال، الذي تعامل مع الصحافة باعتبارها شريكاً لا خصماً.

إن البدايات دائماً تتشابه: كل وزير يسعى للسيطرة على الإعلام، لكن سرعان ما يفرض الواقع نفسه. فالإعلام لا يُدار بالأوامر أو الحصار، وإنما بالشراكة والتقدير والاحترام.

 




تم نسخ الرابط