هل فشل بعض رؤساء الشركات يدفع العاملون للاستغاثة؟ (تقرير)

من يتابع المواقع الإخبارية المتخصصة في الشأن البترولي، لا تفوته ملاحظة ازدياد حدة الاستغاثات الصادرة من مختلف فئات العاملين بالقطاع. فلا يكاد يمر يوم دون أن نطالع استغاثة أو تظلّم منشور، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.
وأغلب هذه الاستغاثات تتجه نحو مطالب مادية في المقام الأول، تليها شكاوى تتعلق بالظروف الوظيفية، لا سيما مسألة الترقيات. أما المطالب المتعلقة بالتعيين والتوظيف، فقد باتت نادرة، بعدما أدرك الجميع أنها أصبحت من المستحيلات في الوقت الحالي، فاختاروا الصمت بدلاً من المطالبة.
وتتصدر المشهد استغاثات المتضررين من القانون ٧٣، الذين تم إنهاء خدمتهم بتهمة تعاطي المخدرات، إلى جانب قضية عمالة المقاول التي تتكرر في كل موقع وتعليق. تليها مظالم العاملين في شركات كثيرة، وكذلك بعض شركات القطاع العام، والتي تدور أغلبها حول الأوضاع الوظيفية أو عدم المساواة، فضلاً عن المطالبة ببعض الحقوق مثل العلاج الطبي وغيرها.
وتأتي بعد ذلك استغاثات تخص الترقيات والعلاوات، والتي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، حتى وصلت إلى مساعدي رؤساء الشركات، وهي من أعلى الدرجات الوظيفية في القطاع، مما لا يليق أن تتحول إلى موضع شكوى بهذه الصورة المؤسفة.
وعندما تصل الاستغاثة إلى حد قيام إحدى النقابات العمالية الكبرى بمطالبة الوزير بتطبيق العلاوة بالشكل الذي يُرضي العاملين، فإن ذلك يُعد مؤشراً واضحاً على وجود خلل في آليات إدارة القطاع.
الملاحظ أيضاً أنه نادراً ما نجد استغاثات تتعلق بوقائع فساد أو تقصير إداري أو فني، وغالباً ما تكون هذه البلاغات كيدية.
إن لجوء العاملين – على اختلاف درجاتهم الوظيفية – إلى تقديم الاستغاثات مباشرة إلى الوزير عند أي مشكلة، كوسيلة للضغط على الجانب الإنساني في شخصه، يعكس صورة سلبية عن إدارة القطاع، ويكشف عن غياب التواصل الفعّال بين القيادات والقاعدة العريضة من العاملين، خاصة بعد سحب كثير من الصلاحيات من قيادات الشركات، ما تسبب في انقطاع الرابط الإداري والإنساني بينهم وبين موظفيهم.
لكن من الضروري أن نشير إلى نموذج جدير بالتأمل، وهو شركة بتروتريد، التي كانت – في الماضي – بؤرة للاضطرابات العمالية والشكاوى المتكررة، ثم أصبحت اليوم هادئة، منتجة، ومنضبطة، وهو ما يعكس نجاح إدارة الشركة في تحويل الأزمات إلى إنجاز، عبر سياسات فعالة وإبداعية في إطار الممكن.وبالمثل نجاح عدد من الشركات كصيانكو في فض التشابكات وغيرها .
إن كثرة الاستغاثات تُعد مؤشراً سلبياً لواقع القطاع، ويجب أن تكون دافعًا لدراسة أوضاع العاملين بجدية، ومعالجة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الشكاوى المتكررة. فلا يليق بقطاع البترول أن يُختزل في صورة موظفين عاجزين يطرقون أبواب الشفقة والتوسل، بعد أن كانوا من صفوة المجتمع.
وتبقى همسة صغيرة لزملائنا وأخواتنا :
الحمد لله على كل حال.
نُدرك أن الشكوى قد تكون مشروعة، لكن الإكثار منها يُعد من المذلة. ومهما كانت الأوضاع صعبة، فأنتم بلا شك في حالٍ أفضل من كثير من موظفي القطاعات الأخرى.
اما الذين تقطعت بهم السُبل ، فنأمل أن تجد مطالبهم آذانًا صاغية، وأن يتم الاستجابة لها في القريب العاجل.