نون مستورة…شيماء محمد

في زمن صار فيه اللمعان عنوانًا… والظهور ميزانًا… تتلألأ الوجوه وتتصدر الأسماء… لكن قليل من يفتشون عمّن صنع البهاء… ومن حاك الخيوط في الخفاء.
هناك "نون"… لا تُرى… لا تُذكر… لكنها الحرف الذي يسند الكلمة… والظل الذي يرفع القامة… والنبض الذي يحرك الابتسامة.
نون مستورة… تفتح الأبواب بلا مفاتيح… وتفرش الطريق بلا تصريح… تدفعك للأمام ثم تتوارى للخلف… وتتركك تلمع وهي تكتفي بأن ترى الحلم قد أُنجز… والهدف قد أُحرز.
هي سند للضعيف… ويد خفية للطفيف… جسر فوق هاوية… ونور خافت فى الزاوية.
لكن… ليست كل نون مستورة طيبة النية… فمنهن من تستر الحق بالباطل… وتلمّع الغافل وتقصي الفاضل… وتخفي الفساد وراء الستار… وتمنح التيجان لمن لا يستحق الوقار.
هناك يتحول النور إلى نار… والبريق إلى غبار… والستر إلى ستار مهترئ يُفضَح مع أول نهار.
وهنا… تهمس النون في أذن الزمن… بصوت لا يسمعه إلا من قلبه وعي وأذنه فطن.
لا أبتغي وسامًا على صدري… ولا راية ترفع ذكري… يكفيني أن أرى البذرة قد أثمرت… وأن يلبس المستحق ثوب حقه بلا منّة ولا تمجيد.
أدفعك للأمام كي يشرق نورك… وأتوارى كي يبقى بريقك أنت لا أنا… فالأسماء تزول… وما يبقى أثر المعروف.
لكن… إن استُخدمت ساترًا للباطل… فسأتحول من سند إلى حجر… ومن ظل إلى خطر… وسيهشّ بريقك… ويبهت لونك… ويكشفك النهار كما تكشف الشمس عن وجود الظلال.
فنصيحة لكل من كان له نون… أحذر… فمن استتر بالخير رفعه الستر… ومن استتر بالشر هدمه الجهر.