لقاء السحاب بين وزيري البترول والكهرباء (تقرير)

في مثل هذه الأيام من العام الماضي، شهدنا لقاءً جمع وزيري الكهرباء والبترول خلال مؤتمر صحفي دعا إليه رئيس مجلس الوزراء. لكنه لم يكن لقاء عمل، بل كان أقرب إلى “لقاء الوداع”، بعد أن تصاعدت الخلافات بين الوزارتين، ووصلت إلى مرحلة من تبادل الاتهامات، في وقت خرجت فيه أزمة تخفيف الأحمال عن نطاقها الفني وأصبحت قضية أمن قومي، انتهت بالإطاحة بالوزيرين معًا.
أما اليوم، فنشهد مشهدًا مختلفًا. اجتماع عمل بين الوزيرين الجديدين، واللذين جرى اختيارهما بناءً على خلفيات علمية واقتصادية واضحة، بعد أن أصبح من غير الممكن إنكار التدهور الكبير في أداء قطاعي الكهرباء والبترول. الأزمة لا تزال قائمة، لكنها هذه المرة تحظى باعتراف رسمي بوجود مشكلات جوهرية تستلزم التعاون والتكامل، وليس إدارة كل وزارة لشؤونها وكأنها جزيرة معزولة.
الاجتماع يأتي في ظل ظروف مشابهة – وربما أكثر قسوة – من تلك التي أحاطت بأزمة العام الماضي: موجة حر شديدة، موسم امتحانات، استهلاك شره للطاقة، إلى جانب اضطرابات إقليمية عنيفة، وتقلبات حادة في سوق الغاز. لكن الفرق الجوهري هو أن الاعتراف بوجود أزمة في إنتاج الغاز كان خطوة حاسمة، دفعت الحكومة لتكثيف جهودها وسد العجز، وهو ما انعكس على استقرار التغذية الكهربائية حتى الآن، دون الحاجة إلى تخفيف الأحمال.
فالاعتراف بالمشكلة هو نصف الحل، أما النصف الآخر فيكمن في تحديد واضح وصريح لأدوار كل طرف. تقع على وزارة البترول مسؤولية زيادة الإنتاج، وتحفيز الاستثمار، وتدبير احتياجات السوق من خلال الاستيراد في الوقت المناسب. في المقابل، على وزارة الكهرباء ترشيد استهلاك الوقود، والارتقاء بأعمال الصيانة والتجديد، وزيادة نسبة الطاقة المتجددة، وتقليل الفاقد في الإنتاج.
بهذا التفاهم، يتحدد الطريق، وتتضح المسؤوليات، دون تشكيك في النوايا أو محاولة التهرب من تحمل الأعباء.
ومن هذا المنطلق، نؤكد على أهمية خروج وزير البترول للحديث إلى الرأي العام في هذه المرحلة الدقيقة، سواء من خلال تصريحات مباشرة أو عبر لقاءات إعلامية مؤثرة، يفضل أن تكون في برامج حوارية ذات مصداقية وشعبية، مثل برنامج الإعلامي شريف عامر، المعروف بهدوئه وموضوعيته.
من حق المجتمع أن يعرف ما تم إنجازه خلال عام مضنٍ من العمل، وأن يطلع على حقيقة التحديات التي تواجه قطاع الطاقة، بما فيها ضرورة ترشيد الاستهلاك، والرد على ما أثير بشأن تأخر تشغيل وحدات التغويز العائم، واستعراض الخطط الاستثمارية القادمة بوضوح وشفافية.
هكذا تعيد الأيام نفسها، وهذه هي سنة الحياة. المهم أن نتعلم، وأن نكون أكثر يقظة واستعدادًا لما هو قادم.
المستقبل البترولي