الإثنين 07 يوليو 2025 الموافق 12 محرم 1447

مجرد رأي…نصيحة إلى المتحدث الرسمي

757
المستقبل اليوم

مثلي مثل ملايين المواطنين من أبناء هذا الشعب البسيط، تابعنا الجدل الدائر حاليًا حول ما يُثار بشأن وجود تقصير من وزارة البترول في تنفيذ خطة تركيب سفن التغويز العائمة، وما يُقال عن وجود تأخير أو ارتباك أدى إلى تحميل موازنة الدولة أعباء إضافية نتيجة استيراد المازوت وتكاليف الصيانة الناتجة عن استخدامه في محطات الكهرباء.

كثير من الناس لا يدركون سبب إثارة هذا الموضوع بهذا الزخم، خاصةً وأن الحقيقة ـ كما نقول دائمًا ـ تضيع بين الرأي والرأي الآخر، والدخول في التفاصيل لا يزيد الأمور إلا ضبابية، وقد يكون ذلك مقصودًا أحيانًا، ومع ذلك، فالمواطن العادي لا يعنيه كثيرًا هذا السجال، لأنه يثق في وجود أجهزة رقابية تعمل بالنيابة عنه للوصول إلى الحقيقة الكاملة.

لكن ما لفت انتباه الكثيرين كان الأسلوب الحماسي الزائد الذي اتبعه المتحدث الرسمي باسم وزارة البترول المهندس معتز عاطف خلال مداخلته في أحد البرامج التلفزيونية، حين رد على أحد الخبراء الذي أثار هذا الملف، فقد استرسل المتحدث في سرد الأرقام والبيانات بسرعة شديدة، وقاطع ضيف البرنامج أكثر من مرة، الأمر الذي دفع المذيع إلى محاولة تهدئة الحوار أكثر من مرة ليتمكن من إيصال الخلاصة إلى الجمهور.

هذا الاسترسال المفرط لا يخدم النقاش، بل تصيب المواطن، وكذلك مقدم البرنامج، بالارتباك، خاصةً أنهم ليسوا من المتخصصين، كما أن هذه الطريقة تُفرغ الحوار من مضمونه، وتُضعف الرسالة بدلًا من تعزيزها.

السياسة بحر واسع، ومن أساليبها المعروفة محاولة الاستفزاز لإخراج الطرف الآخر عن هدوئه ووضعه في موقف دفاعي أمام الجمهور. لذلك، فإن الردود الهادئة المقتضبة واختيار الكلمات بدقة هي الأساس، وقد كان من غير المناسب أن يقول المتحدث الرسمي “لا أحد يحق له الحديث باسم الوزارة سوى الوزير والمتحدث الرسمي”، فهذا تعبير غير موفق، ويعكس حالة من التضييق على التعبير، حتى على القيادات العليا في القطاع، ويثير التساؤل: هل يُمنع رئيس الهيئة أو رئيس “إيجاس” مثلًا من الحديث لوسائل الإعلام وهم في قمة هرم المسؤولية بعد الوزير؟ ولماذا نرفع كل هذه الأسوار؟

بغض النظر عن التفاصيل، يجب أن نتعلم أن النقد الموجه للوظائف العامة أو الشخصيات التنفيذية أمر معتاد في كل دول العالم، وهناك مسؤولون يتعرضون لهجمات إعلامية أشرس بكثير، لكن طريقة الرد هي الفيصل، وهي علم وفن لا مكان فيهما للعصبية والمقاطعة، لأنها ببساطة تضعف الموقف .

ولا شك أن المهندس معتز عاطف ، بدأ فى الإنسجام والتجاوب وإرسال الردود بطريقة أفضل من السابق بمراحل متقدمة ، لكن نصيحتي لك أن تعيد الاستماع إلى تلك المداخلة بهدوء، بمفردك، لتُقيّم أداءك وتدرك ما نقصده، مثل هذا الموقف كان يمكن أن يُحسم ببساطة وبنجاح، لو أنك دعوت الضيف لزيارة ديوان الوزارة أو مقر “إيجاس”، ليطّلع بنفسه على الحقائق والمستندات، وربما تفيد الوزارة مما لديه من معلومات أو ملاحظات قد تحمل بعض الحقيقة أو تحتاج إلى تصويب.

حديثنا هذا نابع من الغيرة على هذا القطاع الوطني الكبير، ونعلم تمامًا أنك لست وحدك في ذلك، وندرك تعقيد هذه الصناعة وحجم الجهد المبذول في كل مشروع، ونتفهم أن بعض التأخير قد يكون لأسباب متعددة، وهذا ما قد لا يدركه الأخرون، لكن الإعلام والسياسة لا يهتمان إلا بما يظهر على السطح، وليعلم معتز عاطف ، أن طموح البعض إلى الأضواء أحيانًا يفوق سعيهم لمعرفة ، وهنا تكمن الحكمة في كيفية إدارة المواقف، والسلام،

#سقراط




تم نسخ الرابط