الأحد 08 يونيو 2025 الموافق 12 ذو الحجة 1446

ماذا لو؟..شيماء خميس

520
المستقبل اليوم

في زحام الحياة وتفاصيلها المتراكمة ، يمرّ بنا سؤال صغير في حجمه عظيم في أثره "ماذا لو؟".
هذا السؤال، رغم بساطته، يحمل بين طيّاته أبواباً لا تُحصى من التأمل والإحتمال، يحرّك فينا مشاعر الندم أو يدفعنا نحو الأمل أو يحفّزنا للبحث عن إجابات غائبة.

ماذا لو لم نخَف؟
الخوف يقف بيننا وبين أحلامنا يهمس في آذاننا أن لا نحاول، أن لا نغامر، أن لا نخرج من مناطق الراحة التي إعتدناها. لكن، ماذا لو قررنا أن نتجاهل ذلك الصوت المرتجف، وأن نضع أقدامنا على دروب لم نعبرها من قبل؟ كم من حلم مؤجل كان يمكن أن يُولد؟ كم من فرصة ضاعت لأننا خفنا من الفشل؟

ماذا لو أحببنا أنفسنا حقاً؟
أن نحب أنفسنا لا يعني الغرور، بل يعني أن نحترم ذواتنا، أن نعترف بإنسانيتنا، أن نغفر لأنفسنا حين نخطئ، وأن نشجعها حين تتعب. ماذا لو كنا أحنّ على أنفسنا؟ ربما كنا سنتحرر من جلد الذات، من المقارنات السامة، من السعي الدائم لنيل رضا الآخرين على حساب سلامنا الداخلي.

ماذا لو تعاملنا بلطف؟
الكلمات الطيبة لا تكلف شيئاً، لكنها قد تغيّر يوماً كاملًا، بل قد تغيّر حياة. ماذا لو إستبدلنا القسوة بالرحمة، والحكم السريع على الآخرين بالتفهم؟ ففي عالم يموج بالتوتر والصراعات، يصبح اللطف مقاومة، وتصبح الرحمة شجاعة.

ماذا لو سألنا أنفسنا: لماذا؟
لماذا نسير كما يسير الجميع؟لماذا نقبل ما لا يُرضينا؟ لماذا نصمت حين يُطلب منّا أن نتحدث؟ "لماذا؟" هي بداية الوعي وهي المفتاح الذي يقود إلى "كيف أغيّر؟" ،فالإنسان حين يتوقف عن طرح الأسئلة يتوقف عن النمو.

ماذا لو سامحنا؟
نحن نخطئ وهم يخطئون والقلوب التي تعرف كيف تغفر هي القلوب التي تنجو من ثقل الغضب والكراهية. ماذا لو إخترنا أن نغفر لا من أجلهم بل من أجل أنفسنا؟ لنمنح أرواحنا حريتها من قيد الإنتقام وعبء الذاكرة المؤلمة.

ماذا لو أن الغد أخر أيامنا ؟
سؤال يعيد ترتيب أولوياتنا، فلو علمنا أن الغد لن يأتي ، ربما لن نؤجل الكلمات الطيبة ولا اللقاءات الهامة ولا الرسائل التي نؤمن أن أحدهم يحتاج سماعها، ربما كنا سنحب أكثر ونقلق أقل ونشكر الله علي النعم التي نغفل عنها دائماً.

ماذا لو اخترنا أن نبدأ من جديد؟
كم مرة شعرت بأنك وصلت إلى طريق مسدود؟ كم مرة خُيّل إليك أن لا مخرج ولا أمل؟ ولكن، في كل مرة تنبض فيها قلوبنا هناك فرصة لبداية جديدة. لا شيء يُجبرنا على أن نظل كما نحن، بإمكاننا أن نغير أفكارنا، علاقاتنا، بيئاتنا، بل حتى أحلامنا.

ماذا لو أن كل عقبة مررنا بها كانت تمهيدًا؟
ليس من السهل أن نرى المعنى في الألم حين نعيشه، ولكن كثيراً ما نعود بعد مرور الزمن لنفهم أن ما آلمنا قد علّمنا، وأن ما حطمنا قد أعاد بناءنا بطريقة أفضل.

ماذا لو تذكرنا أن في كل وجعٍ حكمة؟ في كل فشلٍ درس؟ وفي كل سقوطٍ فرصة للنهوض؟

ماذا لو عشنا الحياة كما هي، لا كما نتخيلها؟
التمسك بالمثالية قد يُعمي أبصارنا عن رؤية الجمال في النقص، والفرح في التفاصيل الصغيرة. ماذا لو تقبلنا واقعنا، وإحتضنا لحظاتنا بكل ما فيها من فوضى وتناقض؟ ربما كنا سنشعر بالإمتنان أكثر.

وفي الختام ، إن سؤال " ماذا لو"؟ ليس فقط حنيناً إلي ما لم يحدث ، بل هو أيضاً دعوة للتفكير ، لإعادة النظر ، ولتقدير ما بين أيدينا. لذا، علينا أن نتوقف عن قول "ماذا لو ؟"  فالأوان لم يفت لنصنع لأنفسنا إجابة مرضية لهذا السؤال ونسلك طريق الفعل ، فكل سؤال لا يتبعه سعي يبقى مجرد أمنية معلّقة في فضاء التردد.




تم نسخ الرابط