حسام التوني وتغير قواعد اللعبة "تقرير"
كنا قد أفردنا موضوعًا كاملاً عن أهمية اختيار القيادة بغض النظر عن مؤهلها الدراسي، وأسهبنا في القول إن هناك فارقًا كبيرًا بين المؤهلات الفنية وموهبة التعامل أو القدرة على القيادة. وأوضحنا مثالًا قويًا لذلك في شخص السيد طارق حجي، رئيس شركة شل العالمية الأسبق، الذي لم يكن مهندسًا ولا جيولوجيًا. وعلى مستوى مجتمعنا، نجد الفنان عادل إمام، وهو أكبر فنان في الوطن العربي، يحمل بكالوريوس الزراعة، ومع ذلك قاد عملية فكرية واسعة في المجتمع، ولم نجد بالضرورة أن محافظ أسوان كان من خبراء السد العالي، وهكذا.
لكن، علينا في النهاية أن نرى تأثير هؤلاء على المجتمع وعلى حياتنا بصفة عامة.
تقلّد المحاسب حسام التوني لمنصبه الجديد يأتي في سياق هذا الموضوع الهام، بعد إثارته على هذا الموقع بفترة قصيرة، وهو ما يعني أن قواعد اللعبة في اختيار القيادات بدأت تتغير بالفعل، وأن الأدوات الكلاسيكية للاختيار قد طُرحت جانبًا.
وعليكم ان تدركوا : كم من جيولوجي فشل في استكشاف قطرة زيت واحدة، وكم من مهندس هوى بشركته إلى الحضيض وما زال يستمتع بإفشال أخرى، وكم من متخصص في السلامة اشتعلت النيران وانقلبت السيارات في شركته وهو لا يحرك ساكنًا!
القيادة فن وعلم وخبرة متراكمة، وإلمام بخيوط المشروع من أعلى، وبناء علاقات استراتيجية مع كافة أطراف المنظومة، سواء على مستواها الداخلي أو علاقاتها الخارجية.
هذه هي القيادة الناجحة التي تستطيع أن تقود فريق عمل فنيًّا متكاملاً برؤية وأهداف محددة وواضحة للجميع.
فنحن لا نحتاج إلى رئيس شركة لكي يحل مشكلات روتينية بسيطة في كل فروع العمل، وإلا لماذا يوجد هذا الكم من العمالة في كل شركة؟
لكن يبقى التوجيه والمتابعة، ومعادلة الأمور فنيًا واقتصاديًا، هي من صميم رؤيته وثقافته الإدارية، وهذا ما سنراه من المحاسب حسام في وقت قصير، والأيام والأرقام ستكون الفيصل.
وأخيرًا، فإن هذا الطرح يتفق مع تداعيات مشكلة شركة بوتاجاسكو، وانفجارها على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا بعد التعامل السطحي أو المتشنج مع صاحبة الشكوى، وتلقف إعلام السوشيال ميديا لهذا التصرف، والهجوم الشرس الذي تعرضت له الوزارة نتيجة نظرات الاستهانة التي وُجهت إلى الصحفية.
ونتيجة طبيعية لهذه التداعيات، فإن رؤيتنا تتفق مع تطبيق القواعد الجديدة للاختيار، في أن هذه الشركة تحتاج بسرعة إلى شخصية من طراز خاص، ذات خلفية أمنية حازمة، ويمثل اللواء خالد كرار، مدير أمن جنوب الوادي، سيناريو ممتازًا لهذا المنصب، في ظل تلك الأحداث الدراماتيكية التي تمر بها الشركة، والتي وضعت الوزارة في حرج شديد.
كما قلنا، فإن منصب حسام التوني الجديد هو بوابة لطريق جديد يجب أن نسلكه لنرى نتائج مختلفة… أو هكذا قال أينشتاين.