نون النسوة: أمل طنطاوي والسطر الأخير في 450 يوم
يطلّ علينا اسم أمل طنطاوي عندما تتعقّد الأمور وتتشابك التيارات من كل حدب وصوب، بين مطالب واحتياجات من جهة، وإمكانات والتزامات على الجهة الأخرى. عندها يظهر صوت العقل والحكمة الذي عُرفت به، دون أن تكترث لصيحات الترحيب أو للاستهجان حيناً آخر.
هذه الشخصية التي تجلس هادئة في مكتبها، نائباً للشئون المالية، تدرك تماماً ما هو ممكن وما هو غير ممكن، دون تصريحات نارية أو بهرجة إعلامية فارغة،صورتها لا تتغيّر عن الأصل، وإن أردت أن تدرك معنى هذا التشبيه، فعليك بقراءة رواية أوسكار وايلد الفلسفية “صورة دوريان جراي” الصادرة عام 1891 في لندن، لأنك ستفهم من خلالها أن كثيراً من الأساطير تظل حاضرة في عالمنا، وفي شخصيات تعيش بيننا بصورة تحمل أوزار الشخصية الحقيقة وتمضي بها.
نعيش اليوم واحدة من أكثر اللحظات حرجاً في قطاع البترول، ومع ذلك استطاعت هذه السيدة الحديدية، على مدار 450 يوماً من تولّيها شؤون اقتصاديات البترول، أن تثبت جدارتها، وأن تؤكد أهمية الخبرة المقترنة بالهدوء والحكمة.
لم يصدر عنها تصريح فارغ أو مثير للجدل، ولم تُقدم على قرار له توابع اقتصادية غير محسوبة. استوعبت كل القرارات الجماهيرية الخاصة بالعلاوات والمميزات، واستطاعت توظيف كل ما لديها من أدوات لتجاوز العقبات التي تحيط بمثل هذه القرارات، وربما كان لها تحفظات على بعض ما يُقال أو يُصدر، لكنها في النهاية عضو في فريق إدارة كامل، ولها صوت مسموع، ورأيها دائماً يقع في السطر الأخير.
لا تُعد هذه الكلمات وصلة مدح لتلك السيدة، فقد نالت قدراً كبيراً من التقدير ولا تحتاج إلى مديح إضافي، لكن ما نراه اليوم من ظروف متشابكة، وتيارات متضاربة، وسباق محموم لاسترضاء الرأي العام البترولي، جعل الساحة معتركاً كبيراً يمتلئ بالحوارات والتوجهات، أغلبها يتجه نحو المميزات المادية كأحد أهم أدوات الشعبوية.وفي خضم هذا المشهد، سواء وُجد المؤيد أو المعارض، تبقى كلمتها – كما اعتدنا – تقع في السطر الأخير، حيث تُحدّد الاتجاه والقرار.
كان لزاماً علينا أن نبحث عن مرفأ الطمأنينة والثقة وسط ما يدور حولنا من دوامات عميقة وصعبة. وفي هذه الأجواء العاصفة، لم نجد سوى اسم أمل طنطاوي ليمنحنا قدراً من الهدوء والاستقرار، لأننا على يقين بأن هناك من يتخذ القرار الصحيح، بعيداً عن محترفي الصخب والشو الإعلامي.
المستقبل البترولي