زيارة الوزير لهذه الشركة ستجد رئيسها وأشياء أخرى

إذا توجه موكب الوزير إلى مبنى هذه الشركة الفاخرة الطراز، والتي تقع في أحد أرقى أحياء محافظة الجيزة، فبالتأكيد سيجد رئيسها وكامل هيئة مجلس إدارتها، ومدير الشؤون الإدارية والقانونية أيضاً. هي شركة عريقة اسمها يحنُّ إلى الماضي ولها أمل في المستقبل، بعد أن أصبحت «عجوزاً» تبذل المستحيل لاستعادة جزء من شبابها. لا يوجد في قطاع البترول من لا يعرف هذه الشركة بماضيها وعامليها الذين يشكلون قوتها الضاربة في مواجهة تحديات الزمن الذي لا يقهر.
سيجد الوزير رئيساً صارماً بالفعل يحاول أن يضع الأمور في نصابها، ولكن بأسلوبه الخاص. ربما سيستمع إلى نشاط زيادة الإنتاج ويثني عليه ويطالب بالمزيد؛ فالنتائج تبدو جيدة إلى حد ما مع شريكها الجديد. لكنه حتماً سيلاحظ نظرات حائرة لدى العاملين تتنازعها مشاعر متناقضة بين حبهم لشركتهم وأملهم في أن تعود لما كانت عليه، وبين أسلوب إدارة يعتمد على العقاب الجماعي والفردي ليكون عبرة للآخرين.
لا ننكر أن الحزم والشدة مطلوبة أحيانًا، بل وندعمها إذا كانت في اتجاه المصلحة العامة؛ فلا أحد يقبل الاستهتار أو الإهمال. لكن للعقاب سياسة إدارية معروفة تبدأ بالتحذير ثم التأديب بأشكاله، ثم الإجراءات الرادعة الصارمة التي لا رجعة فيها. أما إذا كان الردع هو أول السلم، فسيُعامل العاملون كأنهم مجموعة يجب التعامل معها بوحشية فورية.
ربما جاءت زيارات القيادات النقابية لهذه الشركة لتخفيف الأجواء وتلطيفها بين العاملين والإدارة، ويبدو أنها تمت في أجواء طيبة انتهت بزيارة إلى مدينة سياحية تاريخية. لا يمكن أن يكون العقاب المادي الجائر هو الحل الوحيد؛ بل يجب أن يكون هناك تدريب ومنشورات واضحة تشرح سياسة الشركة في ظل إدارتها الحالية، وعندها يكون القول «أَعذِرْ مَن أَنْذَرَ» صادقًا.
علينا ألا ندفع العاملين إلى الظهور وكأنهم محشورون إلى الحائط، لأن ذلك سيؤدي إلى مناخ عمل خطير قد يجبر الجميع على التوحد ضد إدارة الشركة. على رئيس كل شركة أن يتخفف من سلطاته التقديرية والتنفيذية تجاه أي تقصير، ويعطي للدور الإداري والقانوني حقه في اتخاذ الإجراءات التي تحكمها اللوائح والقوانين. النوايا الطيبة أحيانًا تكون طريقًا للتهلكة، ولذلك فالمشورة في الرأي والقرار واجبة.
نأمل أن نرى موكب الوزير يحط على بوابة هذه الشركة قريبًا، ونأمل أن يجد سيارات الموكب مكانًا للوقوف؛ لأن سيارات مديري الشركة أكثر من عدد العاملين بها ولا يسأل أحد عن تكلفتها الباهظة لأنها تعامل برفق مطلق. وعندها قد تسجل للوزارة مخالفات مرورية لوقوف سياراتها في الصف الثاني في هذا الشارع المزدحم؛ فالجميع سواء أمام القانون.