خالد الغزالي يكتب: إعادة الصلاحيات والاستقلالية للقيادات

تحية واجبة لوزير البترول على بدء العودة إلى النظام الطبيعي لإدارة الشركات بصورة صحية، وإعادة بناء الثقة في رؤسائها عبر منحهم الصلاحيات اللازمة لتولي مسئولياتهم الكاملة، بما يتيح لاحقًا محاسبتهم على النتائج.
فللأسف، شهد القطاع في السنوات الماضية تطورًا مفرطًا في تدخل الهيئة العامة للبترول، ثم وزارة البترول، في عمليات التعيين، بشكل تجاوز كل القواعد العلمية والمهنية، بل وحتى الأخلاقية. هذا التدخل المفرط حوّل رؤساء الشركات والهيئات القابضة إلى ما يشبه “عرائس خشبية” تتحرك وفق تعليمات صادرة من الوزارة، لدرجة أن رئيس الشركة لم يكن يستطيع تعيين عامل بوفيه دون موافقة الوزارة.
والأدهى من ذلك – والمثير للذهول – هو التعيينات التي كانت تُفرض بأوامر مباشرة في جميع الشركات، مجاملة لأقارب وزراء ومسئولين، حتى وصل الأمر في بعض الحالات إلى إخفاء الأسماء الحقيقية للمُعيّنين. ولم يكن لأي رئيس شركة الحق في الاعتراض، في وقت كان محرومًا فيه من مجرد نقل موظف من إدارة إلى أخرى داخل شركته.
القرار الأخير بمنح رؤساء الشركات الصلاحيات الإدارية يمثل خطوة عظيمة، يجب أن تتبعها خطوات أخرى نحو تعزيز استقلالية الشركات، وفق خطط عمل متفق عليها مع الهيئة والشركات القابضة، مع ترك حرية التنفيذ لإدارة كل شركة، وربط بقاء أو رحيل الإدارة بنتائج الأعمال المحققة.
إن أول الغيث قطرة، والأفكار كثيرة، لكن الأهم هو أن ترفع الوزارة يدها عن تفاصيل العمل اليومي للشركات، وتعود للقيام بدورها الاستراتيجي في إدارة الثروات البترولية للدولة، خاصة في مجال تنمية احتياطيات النفط والغاز.
وللقضية جوانب أخرى سيتم التطرق إليها لاحقًا، فـ”في فمي ماء”، ومن في فيه ماء لا يتكلم.