نون النسوة..إيمان العجوز: نموذج للمرأة التي كسرت الحواجز وتحدّت الصعاب

تبرز المهندسة إيمان العجوز كوجه نسائي فاعل ومؤثر، استطاع أن يدمج بين المهنية العالية، والنضال النقابي، والعمل البرلماني، متحدّية بذلك كل القيود والصعاب التي قد تعترض طريق المرأة في المجتمعات التقليدية. يحدث هذا في زمن تشتد فيه الحاجة إلى القدوة والنماذج الحقيقية، قصة إيمان ليست فقط قصة نجاح، بل قصة ملهمة، جسّدت فيها معاني الإرادة، الإصرار، والعطاء.

بداية مهنية صلبة في عالم الهندسة:-

تخرجت المهندسة إيمان العجوز من كلية الهندسة، قسم العمارة، عام 2001، لتلتحق سريعًا بإحدى كبريات شركات البترول في مصر، شركة بتروجت، عام 2002. ومنذ لحظة دخولها هذا المجال الذكوري بالأساس، لم تكن مجرد رقم أو موظفة عادية، بل كانت طاقة شغوفة بالتصميم والبناء، استطاعت أن تثبت جدارتها على مدى سنوات، حتى أصبحت مديرة إدارة هندسية بالشركة. عملها في بتروجت لم يقتصر على الجانب الفني فقط، بل امتد ليشمل الجانب الإداري والقيادي، حيث كانت صوتًا للعاملين، وخاصة النساء، مدافعة عن حقوقهن، ومطالبة ببيئة عمل أكثر إنصافًا ومساواة.

نشاط نقابي فعّال وريادة نسائية:-

عام 2016، خاضت المهندسة إيمان العجوز انتخابات نقابة المهندسين على مستوى الجمهورية، واستطاعت أن تحصد أعلى الأصوات، في انتصار نوعي للمرأة في مجال ظل طويلًا حكرًا على الرجال. كما تم انتخابها عام 2018 كأمين عام اللجنة النقابية لشركة بتروجت، لتصبح أول امرأة تصل إلى هذا المنصب في تاريخ الشركة.

نشاطها النقابي لم يكن مجرد تمثيل رمزي، بل كان نضالًا فعليًا لتحسين ظروف العمل، وتطوير اللوائح بما يحفظ حقوق العاملين، وخاصة السيدات العاملات، من خلال المطالبة بتوفير حضانات لأبناء العاملات، وإقرار إجازات مرنة للأمهات، وغيرها من الحقوق.

برلمانية بصوت نسائي مؤثر:-

في عام 2021، تم تعيين المهندسة إيمان العجوز عضوًا بمجلس النواب ضمن نسبة التعيين الرئاسية، وهو اختيار يعكس ثقة الدولة في كفاءتها وقدرتها على تمثيل المرأة والطبقة العاملة والمهنية داخل البرلمان. وقد انضمت إلى لجنة الدفاع والأمن القومي، وهي لجنة عادة ما يغلب عليها الطابع الذكوري، لكنها اقتحمتها بثقة، وقدمت أداءً يليق بمكانتها وخبرتها.

صوتها داخل البرلمان كان ولا يزال جريئًا وواضحًا، حيث رفعت قضايا المرأة، وخصوصًا العاملة، وناقشت القوانين المتعلقة بالأسرة، والحماية الاجتماعية، وتطوير البنية التحتية، واضعة نصب عينيها تحسين حياة المواطن المصري البسيط.

التحديات والانتصارات:-

لم يكن طريقها مفروشًا بالورود. فقد واجهت تحديات كثيرة، من التشكيك في قدراتها، إلى الصعوبات الاجتماعية المرتبطة بكونها امرأة تعمل في بيئة قاسية مثل شركات البترول. لكنها واجهت ذلك كله بإصرار وثبات، مؤكدة أن النجاح الحقيقي لا يأتي من المجاملة، بل من العمل الدؤوب والإنجاز على أرض الواقع.

تعرضت للإشاعات ومحاولات الإقصاء، لكنها اختارت أن ترد بالصمت والعمل، فكان صعودها المتدرج هو أفضل رد على كل من شكك في إمكانياتها.

إيمان العجوز: أيقونة نسائية ملهمة:-

إيمان العجوز تمثل اليوم نموذجًا حيًّا للمرأة المصرية الطموحة، القادرة على التوازن بين الحياة المهنية، النقابية، والسياسية. هي رسالة لكل فتاة بأن الحلم ممكن، وأن الأبواب تُفتح أمام من يطرقها بقوة الإيمان، والعلم، والشجاعة.

في كل موقع شغلته، تركت بصمة واضحة، وجعلت من تجربتها قصة تلهم الأجيال الجديدة من النساء، بأن لا شيء مستحيل أمام العزيمة والإرادة. وهي اليوم لا تمثل نفسها فقط، بل تمثل صوت النساء العاملات، والمهندسات، والقياديات، في وطن يعيد رسم مستقبل المرأة بخطوات واثقة.