الخميس 12 يونيو 2025 الموافق 16 ذو الحجة 1446

الشهيد وغضب مسؤولي السلامة وآيات الحمصاني

990
المستقبل اليوم

أثار خبر وفاة سائق شاحنة البنزين المشتعلة بمدينة العاشر من رمضان موجةً من التعاطف مع هذه الشخصية التي ضحّت بحياتها من أجل سلامة الناس، ومنعت وقوع كارثة مدوية، بعد أن اشتعلت النيران في الشاحنة التي كان يقودها. وكما هو معتاد، تخبو جذوة الحدث بعد فترة، وينشغل الناس بحياتهم، وتذهب مطالب التكريم والتعويض أدراج الرياح، ولا يبقى منها إلا القليل.

لكن، وقبل أن يُغلق هذا الملف المؤسف والحزين، يجب مناقشة نقطتين بالغتي الأهمية، وبموضوعية، بعيدًا عن الانفعالات:

أولاً: إلى متى ستستمر هذه النوعية المؤلمة من الحوادث، التي تدل إما على إهمال جسيم، أو على عدم إحلال الشاحنات المتهالكة المخصصة لنقل المحروقات، واستمرار استخدام وسائل نقل تجاوزها الزمن؟ ألا يمكن مراقبة ومتابعة خطوط سير هذه الشاحنات والتحكم فيها عن بُعد؟ خصوصًا في ظل التطور الهائل في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي لم تترك مجالًا إلا وطرقت بابه.

ثانيًا: غضب مسؤولي السلامة في أي موقع عند توجيه نقد أو حتى تقديم نصيحة أو استفسار بسيط، وكأنهم فوق المساءلة. لا ندري ما هو رد الفعل المنتظر منهم أو من المحيطين بهم في حالة نشوب حريق يلتهم الأجساد، أو انقلاب سيارة، أو موت بشر لا ذنب لهم سوى أنهم يسعون وراء لقمة العيش. هل علينا أن نصفّق ونهلل لهم بعد كل حادث مأساوي؟ هل المطلوب أن نكبت حتى حزننا كي لا يغضب المعنيون بالسلامة؟
إنهم ينسون – أو يتناسون – أن دورهم الأساسي، تمامًا كدور الطبيب، هو الوقاية قبل العلاج، ومنع الحوادث من جذورها عبر تطبيق صارم لقواعد السلامة، والاستعانة بأحدث الأنظمة التي تساعد في التحكم والتدخل السريع، حتى إن قصّر العامل أو السائق في حماية نفسه.

حينما كانت السيدة آيات الحمصاني تُطلّ كل صباح عبر إذاعة “الزمن الجميل” في برنامجها الشهير “طريق السلامة”، كانت تشعر أنها مسؤولة عن سلامة شعب بأكمله، انطلاقًا من المسؤولية الإنسانية أولًا وأخيرًا، لا من منصبٍ أو وظيفة.

نحن لا نحتاج إلى من يتهرب من المسؤولية، بل نحتاج إلى تغيير جذري في منظومة السلامة، اعتمادًا على التكنولوجيا، وتبديل الأفكار، وفهم أن السلامة ليست مجرد وظيفة تُؤدّى، بل شعور بالمسؤولية تجاه الأرواح، يتجسد في بذل الأفكار الجديدة، ومحاولة إنقاذ الناس، حتى من إهمالهم أنفسهم، لا في التهرب وإلقاء اللوم على الآخرين.

رحم الله الشهيد (عم خالد)، وجعل جسده الطاهر شفيعًا له، ورمزًا لكل مسؤول أن يتقي الله في عمله، قبل أن يغضب من النقد.وجزيل الشكر للمهندس كريم بدوي الذي سارع في تقديم واجب العزاء وبصحبته وكيل الوزارة للشئون الإدارية أحمد راندي ، ونتمنى أن يصطحب الوزير معه في كل جولاته من هو أهلاً للموقف ، وليس مجرد زفة تحكمها المجاملات وكشف البركة .

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط