مجرد رأي… أين معاونوك يا سيادة النائب؟

خُلقت المناصب الكبيرة للأعمال الكبيرة والمهام الثقيلة. وعندما نتجه بأنظارنا نحو نيابات هيئة البترول المختلفة، فإننا نتوقع منها تنفيذ المهام الاستراتيجية الكبرى، لا الدخول في تفاصيل العمل والمشاكل الروتينية، التي تُعد من صميم عمل الشركات أو المعاونين أو من هم دون ذلك في السلم الوظيفي.
الظروف الضاغطة الحالية لا تتيح فرصة سوى لمحاولات زيادة الإنتاج بأي وسيلة، وعلى مستوى عالٍ، سواء في الجانب الاستثماري أو في تطوير عمليات الإصلاح وتسريع تنفيذها. وهنا يبرز دور نائب الإنتاج، لأنه في قلب كل هذه الأحداث والمتطلبات، فكل ما يُعدّ من نشاط إنما هو قائم على الإنتاج دون سواه.
ولكن عندما نرى انغماس نائب الإنتاج – مع احترامنا لشخصه وتقديرنا لخبرته – في ورش عمل روتينية يمكن لأي من معاونيه تولي مهامها، فعلينا أن نتوقف معه قليلاً.
جميعنا يعلم أن منصب نائب الإنتاج هو وظيفة فوق اعتيادية، تتطلب مهاماً وأدواراً أقل ما يقال عنها إنها حساسة، ولها أبعاد استراتيجية وأمنية. وقد تقلد هذا المنصب قامات كبرى كان يُحسب لها ألف حساب. فتحقيق أمن الإنتاج هو من صلب استقرار هذا البلد بملايينه المئة من البشر، ويجب علينا ألا نهبط بمستوى مسئوليات هذا المنصب إلى الحد الذي لا تستقيم معه الأمور.
لقد تحدثنا عن بعض النواب بكل اعتزاز وتقدير، وأشرنا إلى مباحثاتهم مع محافظ البنك المركزي أو وزارة الكهرباء، وتحديث الاتفاقيات، وهذا يعني أداءً وإدارة استراتيجية لنيابات الهيئة المهمة، وبالشكل الذي لا يستطيع القيام به إلا من هو في منصب نائب – على أقل تقدير.
شركات الإنتاج تحتاج إلى الكثير من المتابعة، والكثير من القرارات الحاسمة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات التكاملية بين الشركات، وأعمال الصيانة المؤجلة للأصول الكبرى التي تعاني من تقادم ملحوظ، ومشاكل تعطل العديد من القدرات الإنتاجية. وكذلك المباحثات مع الشركاء بشأن إقناعهم بسداد حقوق المقاولين العاملين لدى الشركات المشتركة، لدفع عجلة العمل.
بالإضافة إلى ذلك، يجب تحديد أفضل السبل للتعامل مع انحسار الخبرات الفنية وهروبها للعمل في الخارج، مما أدى إلى ارتفاع كبير في تكلفة حفر الآبار، وتكلفة الإنتاج المباشرة وغير المباشرة، وهو أمر يزيد من مديونية القطاع بشكل ملحوظ.
كل هذا يستدعي تفكيراً وقرارات على مستوى تلك المشاكل المفصلية المهمة، ولن يكون هناك من هو أكثر مسؤولية عنها من نيابة الإنتاج. هذه أمثلة لمشاكل كبيرة ومتنوعة، وربما يوجد ما هو أكثر. ولكن يجب أن تظل نيابة الإنتاج المنارة المضيئة لكل السفن في هذا البحر العريض من المشاكل، بما تمتلكه من أدوات وفكر وقيادة.
أما استهلاك الوقت في أعمال ومناسبات لا طائل منها، فسيؤدي بالتبعية إلى انفصال القيادة عن الشركات، لتصبح جُزراً معزولة، كلٌ منها يؤدي كما يحلو له، ولا يُرجى بعد ذلك تحقيق مستوى إنتاج يليق ببلادنا.
حديثنا هذا هو حديث الأبوة الحانية وخبرة السنين، لا حديث النقد بسيف الكلمات، لأن المصلحة العامة ما زالت هي اختيارنا الدائم. والسلام،
#سقراط