السبت 22 مارس 2025 الموافق 22 رمضان 1446

د. محمد العليمي يكتب: حين يتجاوز القلب حدود العقل

960
المستقبل اليوم

كثيرون يعتمدون على العقل وحده، متجاهلين نداءات قلوبهم، وكأن المنطق قادر دائمًا على إدراك الحقيقة الكاملة، لكن هل يصيب العقل في كل مرة؟ الحقيقة أن أحكام العقل ليست سوى نتاج معرفته، والمعرفة – مهما بلغت سعتها وعمقها – تبقى قاصرة ومحدودة، لا تحيط بكل شيء.

حين يبتلينا الله بمواقف قاسية، لا يمكننا مواجهتها بالعقل وحده، وإلا وقعنا في فخ الاستنكار والتساؤل: لماذا يحدث هذا؟ وكيف يكون ذلك؟ وهنا يأتي دور القلب، حين يكون سليمًا، فيضيء لنا طريق الرضا، ويمنحنا يقينًا بأن وراء كل محنة حكمة لا يدركها إلا من آمن بأن قدرة الله تتجاوز حدود الفهم البشري، لنتأمل حديث النبي ﷺ: “استفتِ قلبك”. لم تأتِ هذه العبارة عبثًا، بل وضعت فارقًا جوهريًا بين فتوى العقل الجامدة وما يحيك في الصدر من إحساس أعمق وأصدق. ومع ذلك، لا يعني هذا إهمال العقل، فلا يمكن الوثوق بحكم القلب ما لم يكن مستنيرًا بالعلم والمعرفة، ولا يمكن استفتاء قلبٍ مشوّه بالأهواء والضلال.

لذا، لا تهمل عقلك، لكن لا تغفل عن قلبك أيضًا. استمع إليه إن كان نقيًا، فهو ينبض بنور يتجاوز عتمة الواقع، ويحمل أملًا يتحدى اليأس، ويملؤك إيمانًا بأن الفرج قريب، مهما اشتدت الأزمات وأُغلقت الأبواب. فالقلب المضيء قادر على محو ظلمة العالم.




تم نسخ الرابط