الإثنين 11 أغسطس 2025 الموافق 17 صفر 1447

مستقبل الطاقة فى مصر بين التطوير الفنى والجرأة السياسية.(عثمان علام)

21
د.أحمد سلطان:
على غير العادة اتفقت أنا وصديقى الجيولوجى صادق سالمان أن نترك السيارة ونركب المترو لنتجه الى كوبرى تحيا مصر، جلسنا سويا فى عربة المترو وكالعادة تجاذبنا الحديث عن الطفرة الغير مسبوقة فى قطاع البترول ولم نكن نعلم أن شخصا بجوارنا يلق سمعه ليقاطعنا قائلا: أنا عرفت من كلامكم انكم شغالين فى مجال البترول بس فين بقى البترول اللى عندنا ده، دا احنا جنب السعودية وليبيا والسودان وكلهم مليانين من خيرات الله الا احنا، طول عمرنا فقريين ! صادفت كلمات الرجل حالة من التجاهل بالنسبة لنا فقد علمنا من كلامه ميوله وأهدافه وانطلقنا فى طريقنا وقضينا وقتا ممتعا، عدت الى منزلى بالليل لتقرع كلمات الرجل أدنى وكأنه يجلس أمامى ولم أتركه، تفاعلت مع الحدث والكلام وكأننى أسمعه لأول مرة فى التو والحال وقررت أن يكون الرد على مقولة الرجل هى عنوان مقالى القادم لأتحدث فيه لمن أراد الحق والانصاف لا الكذب والاجحاف، فسألت نفسى سؤالا: هل كلام الرجل من الناحية العلمية صحيحا؟ الجواب وبمنتهى الأمانة لا، وهو جواب مجمل يحتاج الى تفصيل بسيط ليفهمنى من علم فى الاستكشاف ومن لم يعلم. من الناحية الجيولوجية فان مصر تمتلك مناطق متفرقة للبحث والتنقيب بعضها قد اخذ قسطا كبيرا من الخطوات الاستكشافية مثل خليج السويس ولكنه لا يزال يحمل أسرارا كثيرة ، ومثل الصحراء الغربية والتى تؤكد الخطوات الاستكشافية فيها أنها لا تزال تحت مظلة الاستكشاف، ومنطقة الدلتا التى تمثل لمصر مستقبلا حقيقيا وباهرا ثم تأتى المناطق المفترى عليها فى القديم والتى كانت تحتاج الى تدخل سياسى بمشرط جراح ماهر فى البحر الاحمر والبحر المتوسط ووادى النيل.
كانت مصر فى حاجة الى السير فى طريقين متوازيين أحداهما فنى والآخر سياسى وهو ما يتم الآن على أرض الواقع، فأما الطريق الفنى فهو طريق التطوير والهيكلة والبحث عن طرق حديثة فى التفكير والاستفادة بالطفرة الهائلة فى التقنيات لتصب فى النهاية فى المصلحة العامة ويتم استخراج كل قطرة زيت او غاز او متكثفات فى كل شبر من أرض مصر ، وقد انتهج المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية سياسة التطوير والتحديث وهيكلة قطاع البترول من خلال برنامج تطوير وهيكلة قطاع البترول وبدا واضحا أن الأمر جد ولا رجوع عنه، وصناعة البترول المصرية تمتلك قطاع استكشاف قوى بقيادة الجيولوجى أشرف فرج وكيل أول وزارة البترول للاستكشاف والاتفاقيات، واما الطريق السياسى يتمثل فى سلسلة القرارات التى وضعت مصر فى مصاف الكبار رغم ما تحتويه من جرأة سياسية محسوبة من رئيس على علم ودراية ببواطن الامور فكانت القرارات المتتالية بترسيم الحدود لتفتح الآفاق بالبحث والتنقيب بأرياحية وشرعية فى مناطق كانت طى الكتمان فى البحر المتوسط لتصل مصر فى النهاية الى كشف عملاق أخذ بها الى منطقة أخرى مغايرة فى عالم الطاقة والذى ينذر بمثيلاته فى المستقبل، مستقبل جعل جميع القوى الكبرى تغير من سياسته تجاه مصر ولان مصر تمتلك بالفعل مفاتيح شرق المتوسط، كما أسفرت عن قرب البدء فى البحث والتنقيب عن الزيت والغاز فى البحر الاحمر والذى يعد هو المنبع الرئيسى لخليج السويس والتى تؤكد جميع الشواهد على كونه منطقة واعدة وشريان اساسى لمصر.
واخيرا وليس آخرا، ان مصر تمتلك الخير ومفاتيح مستقبلها ومستقبلها بين يد رئيسها و ابنائها وشعبها وتمتلك قطاعا يعد هو العمود الفقرى للاقتصاد المصرى.
وللحديث بقية طالما فى العمر بقية.



تم نسخ الرابط