الإثنين 11 أغسطس 2025 الموافق 17 صفر 1447

الأسباب الستة لإخفاق الحديث الإعلامي للبترول (تقرير)

392
المستقبل اليوم

يرتبط هذا التقرير عضوياً وفنياً بالجزء الثالث من سلسلة مقالات (التاريخ الغامض لمديري مكتب وزراء البترول) التي صدرت في جزأين سابقين. وارتباطه يأتي بتولي شخصية واحدة مهام مدير مكتب الوزير، وكذلك تقلده مسئولية المتحدث الإعلامي باسم الوزارة. في الفترة السابقة.

والمتابع للمواضيع التي انطلقت من هنا وهناك لترشيح أسماء ومناصب لتولي هذا المنصب خلفاً للمتحدث السابق، فاتهم قبل ذلك مناقشة قضية في غاية الخطورة، وهي: لماذا اخفق الحديث الإعلامي للبترول في الفترة السابقة، الأمر الذي وضع الوزارة وقيادتها في مواقف لا تُحسد عليها، وأدى إلى تغيير طاقم العمل بأكمله. ودعونا نبدأ بلا مقدمات:

السبب الأول: في قدرية حدوث فواجع متتالية مرّ بها قطاع البترول، بدءاً من حادث سيارة نقل البنزين واحتراق سائقها، مروراً بأزمة البنزين الفاسد، وصولاً إلى حوادث الحفارات البحرية المؤلمة، منها ما انهار نتيجة إهمال التخزين، ومنها ما غرق بخليج السويس وكان له العديد من الضحايا، إضافة إلى انفجارات خطوط الغاز في مناطق مأهولة بالسكان. كان التعامل مع هذه الحوادث إعلامياً كارثياً بحق، وأثار حنق الرأي العام أكثر مما أوضح الحقيقة.

ثانياً: سياسة إنكار المشاكل والسلبيات على طول الخط، وهو ما وضع مصداقية القطاع على المحك، وخاصة في موضوع البنزين الفاسد الذي طلب رئيس الجمهورية التحقيق فيه، وهو ما جعل تصريحات نفي حدوث المشكلة مثيرة للغضب والسخرية، مما اضطر البترول للتراجع وإعلان إجراء تحقيقات لم تظهر نتيجتها حتى الآن.

ثالثاً: قلة الخبرة في المداخلات التليفزيونية المباشرة على الهواء، والتي شابها الكثير من التسرع ومقاطعة المذيع، وانتهاج سياسة نفي المشاكل. وآخرها موضوع اتفاقية استيراد الغاز من دول الجوار، حيث كانت معالجة تساؤلات الرأي العام نحو هذه الاتفاقية تحديداً خاطئة تماماً، مما أفقد الحوار قوته، وجعل المتحدث باسم البترول في موضع الدفاع الدائم، وذلك بذكاء هؤلاء الإعلاميين المخضرمين وخبرتهم الطويلة في مثل هذه المقابلات التي تضع الضيف في خانة ضيقة تستفزه وتجعله في صورة سيئة أمام الرأي العام.

رابعاً: كان تمثيل وزارة البترول في المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء كاشفاً لقلة الخبرة الإعلامية وموهبة الإلقاء المقنع، وظهر عدم الاقتناع واضحاً على رئيس الوزراء بشأن بيان الوزارة وطريقة إلقائه، مما اضطره إلى أن يعيد البيان كاملاً بطريقته، وهو ما أظهر عدم التمكن في صياغة ما يجب أن يقال في مثل هذه المواقف الحساسة والهامة.

خامساً: سياسة الاستعلاء التي سادت تلك الفترة، بأن المتحدث هو من يملك حق الكلام فقط دون غيره، وأنه المصدر الوحيد للمعلومات، وهي سياسة خاطئة تماماً في هذا العصر الذي نعيشه، مع محاولة جعل كافة المواقع مجرد تابع لترديد ما يمليه المتحدث عليهم.

سادساً: انتهجت السياسة الإعلامية أسلوب البيانات المطولة التي تلح على عقلية القارئ بفكرة واحدة، وهي إظهار الجهد المبذول والاكتشافات المدوية، والجميع يعلم أنها متواضعة، مما أفقد الكثيرين شغفهم في قراءة هذه البيانات، بل وأهملها البعض تماماً. بينما كانت بيانات الحوادث والأمور الهامة مقتضبة، تنفض يد البترول من أي مشكلة، ولا تشفي غليل المتابع لمعرفة تفاصيل تلك الحوادث.

هذه هي أهم الأسباب التي أدت إلى إخفاق السياسة الإعلامية في الفترة السابقة، والتي أضرت بالقطاع ومجهودات وزيره بشدة. وأرجو ألا يكون إدراك هذا قد جاء متأخراً بعدما أُجريت حركة التعديلات الشاملة والمفصلية في هذه الإدارات الحساسة، وفي نوعية وقدرات المسئولين الجدد الذين تولوا المسئولية.

هذه هي الدروس يجب أن يعيها المتحدث الجديد جيداً ويدرسها بدقة، هذا إذا كانت هناك نية لوجود متحدث جديد ، وإذا حدث فسيكون هناك حديث آخر.

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط