إنها قضية مدحت الطوخي وكل طوخي بالقطاع (تقرير)

ربما يعتقد البعض، للوهلة الأولى، أنها مشكلة تخص شخصية بعينها، بينما القطاع يعج بالمظالم هنا وهناك. ولو أفردنا لكل اسم مساحة، فلن تكفينا سنوات لعرض تلك المشاكل ، لكن قضية مدحت الطوخي ليست مشكلة أحادية تخص فردًا بعينه، وإنما هي مشكلة متجذرة يعاني منها قطاع معتبر لا يمكن الاستهانة به من قيادات الصف الثاني التاريخية.
تكرر حديثنا مرارًا وتكرارًا عن معاناة بعض القيادات التي تتأهب للخروج إلى التقاعد من الإهمال والتهميش بدون سبب معروف. وأفردنا لذلك مساحات في مقالات متعددة، مفادها أن التنكيل النفسي لا يدانيه في التأثير أي فعل آخر، وذكرنا أن هذا التوجه ظهر بعنف في أواسط الفترة السابقة ، حيث انتهج سياسة ما يُسمى بـ “تمكين الشباب”، والتي كان لها وجاهتها بالتأكيد – ولكنها أيضًا استُخدمت لتهميش الكثير من القيادات ذات السن الكبير، بسبب أو بدون.
كان المرحوم مؤنس شحات بارعًا بحق في عملية التحريك لتفادي مثل هذه التصادمات في الشركات، خاصة إذا ما تم تعيين رئيس شركة أصغر سنًا من مساعديه الموجودين قبله في الشركة، كان الرجل حكيمًا بالفعل، ويحرك قطع الشطرنج ببراعة حتى لا تتلاقى النقاط الساخنة مع بعضها البعض فيحدث اشتعال وتوترات لا نهاية لها في محيط العمل بالشركات. لكن يبدو أن المشكلة تعود بشكل أو بآخر، ويأتي تعيين رئيس لشركة برج العرب في سن أصغر ودرجة وظيفية أقل من مساعد الاستكشاف بالشركة لينكأ الجرح من جديد.وهذا ليس ذنب رئيس الشركة بالطبع .
الموضوع لم يعد يخص مدحت الطوخي كشخصية بذاتها، فاختيارات رئيس الشركة ربما تخضع لمعايير لا نعرف بعضها أو الكثير منها، وهذا ليس موضوعنا. لكن التوازنات مطلوبة في مثل هذه الأمور، وإعادة التحريك الأفقي للقيادات التي لم يتم ترشيحها لرئاسة شركة – لسبب أو لآخر – أمر مطلوب وبدقة، لتفادي الأثر النفسي العميق لتلك القيادات وهي تتساءل بحسرة: ماذا فعلت؟ وما الذي ينقصني؟ وهو في مستوى مساعد رئيس الشركة، ذلك المستوى الذي بالضرورة حظي بمراجعة وموافقة كافة الجهات الإدارية والرقابية المعنية، وبين التصادم الحتمي بينه وبين من تقلد رئاسة الشركة.
ليس من الحكمة أن تطفو هذه المشكلة على السطح من جديد، ولا يجب على من يقومون بإعداد مثل هذه التحركات أن يعملوا على اشتعال المواقف وتأجيجها بالشركات بهذا الشكل. يجب مراجعة موقف مثل هذه القيادات التي تقبع في حالة غليان، وتؤدي عملها في حنق بالغ، وهي أجواء عمل غير صحية بالمرة ولن ينتج عنها أي مردود فني أو اقتصادي مقابل ما يتقاضونه من حقوقهم، في وقت يحتاج فيه القطاع إلى كل جهد وفكرة.
نتمنى إعادة النظر فورًا، وتحريك تلك القيادات أفقيًا كخبراء بمستوى مساعد في الشركات القابضة للاستفادة من خبراتهم فيما تبقى لهم من أيام، طلبًا لأجواء صحية والحفاظ على الحد الأدنى من الكرامة الوظيفية لمثل هؤلاء المساعدين، فهم يستحقون التكريم لا الإهانة.
المستقبل البترولي