نظام الحوافز الحالي، وهل كانت هناك قرارات بديلة لزيادتها؟
ظل نظام الحوافز المادية جامدًا منذ العمل بآخر نسخة من لائحة العاملين في الهيئة والقطاع المشترك عام 1999، والتي وُضعت من خلال لجنة موسعة برئاسة المحاسب هادي فهمي، نائب رئيس الهيئة للشئون الإدارية في ذلك التوقيت.
والتزمت هذه اللائحة بقواعد صارمة في تحديد حافز الإنتاج للدرجات الوظيفية على مختلف مستوياتها بنسبة محددة من أجر العامل الأساسي. كما ألزمت اللائحة السلطة المختصة بالشركات بتقييم حالة الإنتاج ونسب تحقيق خطته بصورة ربع سنوية، وبناءً عليه تلتزم الشركات بتحديد النسبة العامة لصرف هذا الحافز مع الأخذ في الاعتبار الضوابط الأخرى فيما يخص التصرفات الشخصية والانضباطية.
ومع مرور الوقت تغاضت كثير من الشركات عن التطبيق الحرفي لهذه القواعد في ظل حالة التشدد في صرف أي مكافآت أو حوافز تحت أي مسمّى آخر، وأصبح حافز الإنتاج جزءًا لا يتجزأ من الدخل الثابت للموظف على الرغم من تصنيفه تحت بند الأجور المتغيرة.
وبعد أحداث 2011 وازدياد المطالب الفئوية والرغبة الجامحة في زيادة الدخل والتعيينات ، انطلق أيضًا زمام المكافآت المختلفة في الشركات، وظهر ما يسمى بـ حافز الشهر المتميز الذي كان معنيًا بالتطبيق الدقيق لنظم الأمن والسلامة كأحد أهم أهدافه الأساسية، لكنه بمرور الوقت أصبح توأمًا لحافز الإنتاج الأساسي رغم أن اللائحة لم تنص عليه. وتدافعت الشركات في تطبيقه واحدة تلو الأخرى وبنسب مختلفة حسب حالة ونشاط كل شركة.
ومن هذا الموجز السريع، يتضح أن نظام الحوافز يدور في حلقة ضيقة لا تتسع إلا تحت وطأة أحداث مؤثرة، ويكون الاتساع محدودًا.
وكان انعقاد عيد البترول الأخير تحت ضغوط عمالية ونقابية شديدة لتحقيق طلبات ورغبات العاملين، وعُرضت هذه الطلبات بطريقة لم يُجرَ الإعداد لها جيدًا، خصوصًا من جهة النقابة، مما جعل تحقيقها على أرض الواقع أمرًا صعبًا، فاتجه القرار إلى زيادة نسبية في حافز الإنتاج الجماعي للعاملين.
وهنا يبرز السؤال المهم حول مدى قانونية اتخاذ هذا القرار من خلال مستوى واحد فقط، كون هذا البند تحديدًا من بنود اللائحة التي لها خطوات محددة لتغييرها وإجراء تعديل عليها. وتبدأ هذه الإجراءات عادة من لجنة مختصة بوضع التعديلات في صيغتها القانونية، ثم العرض على نواب الشئون الإدارية بالهيئة والشركات القابضة لدراستها واعتماد الشكل النهائي لها، يلي ذلك العرض على المجلس التنفيذي للهيئة لاعتماد النسب والأعباء المالية، ثم رفعها إلى الوزارة لاعتمادها من الوزير، ومن ثم يسري التعديل من تاريخ اعتماد القرار.
هذه هي الخطوات الأساسية لتعديل اللوائح بصفة عامة، وهي التي تعطي للنسب الجديدة التي تم الإعلان عنها حجّتها القانونية والإدارية لتطبيقها واعتماد أعبائها المالية من الشركاء. وكان من الأفضل في هذا الوقت الضيق تحديد مبلغ مقطوع يُضاف إلى حافز الشهر المتميز في كل الشركات، وبذلك يتحقق الغرض من زيادة الحوافز وتُتجاوز الإجراءات القانونية المعقدة الخاصة بتعديل حافز الإنتاج الجماعي.
لا يمكن اتخاذ قرارات سريعة تحت تأثير ضغط الرأي العام حتى ولو كانت قائمة على مطالب عادلة؛ إذ يجب مراعاة الخطوات الأساسية التي تضمن صحة القرار وحجيته، بينما يمكن العمل بقرارات بديلة على محاور أخرى تحقق نفس النتيجة دون الدخول في سجال قانوني نحن في غنى عنه مع جهات داخلية وخارجية.
ويظل نظام الحوافز الساري للعاملين بحاجة إلى إعادة نظر وإجراء تعديلات شاملة تناسب الأوضاع الحالية، مع وضع آلية مرنة لتحديد نسبته ومعدلات زيادته بناءً على معطيات محددة، بما يضمن أن يكون بالفعل عنصرًا فعالًا في تحديد دخل العامل الشامل.
#المستقبل_البترولي