الأربعاء 26 نوفمبر 2025 الموافق 05 جمادى الثانية 1447

مجرد رأي: دولة التلاوة والهدف الغائب في عيد البترول

160
المستقبل اليوم

أحدث برنامج دولة التلاوة ردود فعل واسعة بين جموع الشعب؛ ذلك الشعب الذي يتلهّف لمشاهدة البرامج الجادة، وخاصة الدينية منها. وهو بداية لعودة الرشد إلى الإعلام بعد أن غرق في مستنقع الماديات وإبراز الشخصيات الساقطة في المجتمع. برنامج جميل يصادف الهوى الديني لمعظم الشعب المصري، ويُظهر أصالة شبابه وأطفاله وهم يصولون ويجولون في بحار علم القرآن الكريم.

أظهر لنا هذا البرنامج كم نحن مقصّرون في حق أنفسنا، ونحن نرى هذا الكم من القواعد اللغوية التي يحويها هذا الكتاب الكريم ولا نعلم عنها شيئاً، وأن ما نردده من آيات، حتى ولو كانت بسيطة، يفتقر في كثير من الأحيان إلى النطق والتلاوة الصحيحة.

وعلى أني عاشق للغة العربية، فقد أدركت بعد هذا العمر أنني ما زلت بعيداً عن إدراك ومعرفة مقتنيات هذا الكتاب العظيم. شاهدنا من هو متمكن، ومنهم من يحاول بإصرار وعزيمة. الصغار يواجهون الكبار بمنتهى الثقة، والكل يتنافس بشرف، في معية لجنة تحكيم على مستوى علمي وديني هائل من الأزهر الشريف وبعض خبراء الصوت والمقامات.

المهم هنا هو التنافس الشريف؛ ذاك التنافس الذي غاب عنا، رغم أنه النافذة الكبرى لإظهار الكفاءات والمواهب. كان ينبغي على عيد البترول أن يكون احتفالية كبرى للتنافس بين شباب العاملين وكبارهم في العديد من المجالات. ولكن للأسف، حصرنا العيد في انتظار الماديات. كان يجب أن يكون هذا اليوم يوم الفصل في تكريم المجتهدين والمخترعين وأصحاب الرأي السديد، سواء في نظرية قابلة للتطبيق أو حبكة قانونية تكون سنداً لمتخذي القرار.

كنا نود أن نرى شباباً يقدمون أفكاراً أو منتجات أو برامج أو نظم تشغيل جديدة، ليكون الاحتفال بالفعل عيداً بهم ولهم.
أطلقوا هذه المسابقات من الآن، واجعلوا حقول الشركات ومكاتبها حلقة للتنافس الشريف، واعملوا على أن يكون العمل الفائز قابلاً للتطبيق في كل الشركات تشجيعاً لأصحابه.

امنحوهم الجائزة المادية التي تناسب قوة تأثير ما اخترعوه أو قدموه، وكرّموا من يحفظ القرآن كاملاً بشهادة لجنة معتمدة. دعونا من التكريم الهزلي مثل “رجل السلامة” و”العامل المثالي”، وما إلى ذلك من مسميات تشوبها المجاملات ولا تعبّر عن أي مضمون، وتنتهي إلى لا شيء.

اجعلوا من تنافس برنامج دولة التلاوة مرشداً لكم. دعونا نعود لرشدنا الأدبي والديني والعلمي. ستكون النتائج فوق التوقعات، وستَرَون شباباً بعيدين عن التملّق والطلبات؛ شباباً يريدون خدمة وطنهم بحق، وستُدهشون عندها بزيادة الإنتاج وقوّته.

والسلام،
سقراط




تم نسخ الرابط