سيد سالم: فيها حاجة حلوة
لعل ما نشهده مؤخراً فى مصر من الناحيتين المالية والاقتصادية ويبعث على الأمل والتفاؤل يمكن تلخيصه في امرين اثنين أو حاجتين ؛ إحداهما قد تحققت بالفعل، والأخرى تلوح في الأفق وتكاد تطرق الأبواب.
أول هذه الأمور هو الارتفاع التاريخي في صافي احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، بمكوناته الثلاثة: الدولار، والذهب، وسلة العملات .
فقد تجاوز الاحتياطي النقدي الخمسين مليار دولار للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وهذه حاجة حلوة رغم التراجع النسبي في إيرادات قناة السويس نتيجة الاضطرابات الجيوسياسية المتكررة في المنطقة.
هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج أربعة عوامل رئيسية تضافرت في التوقيت نفسه:
1. ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج التي بلغت ثلاثة مليارات دولار شهريًا، في تعبير واضح عن ارتباط المصري ببلده مهما ابتعد.
2. زيادة قيمة الذهب بما يعزز جزءًا مهمًا من الغطاء النقدي.
3. انتعاش قطاع السياحة والمتوقع له أن يحقق نحو 17 مليار دولار بنهاية هذا العام 2025.
4. نمو فعلى فى القطاعات الإنتاجية ومداخيل أخرى .
إن ارتفاع منسوب الاحتياطي النقدي إلى هذا المستوى—وليس ارتفاع منسوب المياه خلف سد نهضة الأحباش — يعني قدرة الدولة على توفير السلع الأساسية، وسداد الالتزامات المالية في مواعيدها دون تراكم أو تعثر، فضلًا عن امتلاك القدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية إن طرأت .
أما الحاجة الثانية، والتي نعتقد أن تكون حلوة بإذن الله ؛ فهي ما تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي بشأن انعقاد المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج الإصلاح الاقتصادي فى مطلع ديسمبر المقبل. حيث ستقيّم بعثة الصندوق مدى التزام الحكومة المصرية بتنفيذ البرنامج، ومن المتوقع—عند اكتمال المراجعة بنجاح—أن تحصل مصر على نحو 2.4 مليار دولار .
هذه الخطوات ستدعم استقرار سوق النقد، الذي بدأ بالفعل في التحسن، وتمنح الدولة قدرة أكبر على تطبيق سياسات مالية أكثر فاعلية ومرونة .
والنتيجة التي نترقبها جميعًا تراجع التضخم، واستقرار السوق والأسعار، وزيادة الاستثمارات، وتوسيع دور القطاع الخاص، بما يفتح آفاقًا لفرص عمل جديدة ويسهم تدريجيًا في خفض البطالة وتحسين دخل الفرد .
كاتب المقال: مهندس سيد سالم أبو غزاله- رئيس شركة خالدة الأسبق.