مرحلة تقصّي الحقائق وتحديد المسؤوليات والحساب الرادع
 
                            السنة الأخيرة كانت سنة انتقالية في إدارة قطاع البترول، تقودها قيادات جديدة بأفكار وأساليب جديدة نسبيًا. ربما تأخّرت القرارات والإجراءات في أول المطاف، ولكن ما لبثت أن ظهرت وأحدثت تأثيرها. ظهرت بعض التناقضات بين الأقوال والسياسات، وبرزت شخصيات استحوذت على مناصب عدّة، ما أصاب العاملين بالحيرة حول ما إذا كانت السياسة الجديدة ستتجه إلى الاستقطاب بهذا الشكل.
ويبدو أن الأمور لم تسر على ما يرام، وهذا منطقي، لكن تم تعديل المسار بسرعة قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة. كانت تغييرات الهيئة والقوابض والوزارة في معظمها صحيحة، فعادت عجلة العمل إلى الدوران مرة أخرى. جاءت الخطوات بعد ذلك متسارعة، وبدأ الاهتمام بالشأن الداخلي للقطاع الذي يعاني من متلازمات متعددة أصابته بفقدان التركيز والهدف.
بدأت زيارات الوزير ورئيس الهيئة الداخلية تتوازى نوعًا ما مع الزيارات الخارجية الكثيفة التي لم نعهدها من قبل، ثم انطلقت سيارة كلٍّ منهما إلى مقارّ الشركات الرئيسية في تقليد جديد لقطاع البترول. أصبحت الزيارات مجالًا واسعًا لتقصّي الحقائق على الطبيعة ومعرفة الشكاوى المتكرّرة التي استحالت إلى أمراض مزمنة.
بدأ الوزير يسمع الآراء والشكاوى بعيدًا عن التقارير ووسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالبترول، التي انقلبت إلى مناحة غير مفهومة الأغراض والأسباب، حيث يشكو الجميع من كل شيء، ولا أحد راضٍ بما قسمه الله له، والكل ينظر إلى غيره بنظرة يملؤها الشك والريبة.
تقصّي الحقائق على الطبيعة وضع يد الوزير على المشاكل الحقيقية التي تعوق الإنتاج عمليًا، مثل تأثير حقوق الشركاء، وتوقّف التنمية، وهجرة الفنيين. وقد تصدّى لها بصدرٍ رحب، بل وباقتراحات وطرقٍ للحل السريع والمتوسط.
وجاءت زيارات رئيس الهيئة لتُكمل دائرة الاستكشاف وتقصّي الحقائق بزيارات نوعية جديدة لشركات ومؤسسات إنتاجية وخدمية، في تقليد جديد لرئيس الهيئة على غير المعتاد. وكانت زيارته لشركة “أوسوكو” للاطمئنان على سير التعاقدات الخاصة بها بالشكل القانوني الصحيح، ولـمستشفى البترول بالإسكندرية، حيث ذهب إليها ليتحقّق بنفسه مما يقدّمه المستشفى من خدمات، وليستمع إلى شكاوى المترددين عليه. وكلا الزيارتين كانتا تتويجًا لهذا المفهوم الجديد.
هي بالفعل مرحلة فاصلة يقودها الوزير بكل براعة حتى الآن لامتصاص موجات الغضب والإحباط، وما يقوم به رئيس الهيئة حتى الآن يُكمل الصورة ويستحق عليه التهنئة والإشادة.
مرحلة تقصّي الحقائق الحالية يجب أن يكون لها مردود على المدى القريب يستشعره العاملون، وليس بالضرورة أن يكون ماديًا فقط، بل في كافة المجالات التي تهمّهم في حياتهم الخاصة والعملية، ليظهر الفرق صريحًا وتعود الثقة من جديد.
نحن على يقين بأن القادم أفضل، والأمل معقود على مثل هذه الإجراءات العملية الهامة، ونبذ سياسة الاستقطاب الوظيفي، وتحديد المسؤوليات بشكل واضح، ووضع حسابٍ رادع للتقصير واللامبالاة. وما زال هناك من الحقائق والمشاكل ما يتطلّب المزيد من الزيارات المفاجئة، خاصة في الشركات التي تعاني من زيادة التكلفة بشكل كبير.
كلّ هذا يُبشّر بمقدم عهدٍ جديد لم تكتمل جوانبه بعد، وما زلنا في انتظاره.
#المستقبل_البترولي
 
                 
                    
                     
                 
                         
    
