الأربعاء 15 أكتوبر 2025 الموافق 23 ربيع الثاني 1447

أيمن حسين يكتب: عندما يُغلق باب تُفتح نافذة

948
المستقبل اليوم

لا يوجد مراحل في حياة أي إنسان أصعب عليه من فترات العثرات والأزمات التي يمر بها في طريقه الذي رسمه لنفسه، وهو يرى أنه يستحق أن يصل لما يحلم به. ولكن ليست دائمًا تسير الأمور كما نريدها، أحيانًا تمشي في طريقك واثق الخطى، تتوقع أن الأبواب ستظل مفتوحة أمامك، وأن الدنيا ستستجيب لأحلامك كما رسمتها بالظبط، بل أفضل حتى مما رسمت وتمنيت. ثم فجأة، يُغلق الباب. تُفاجأ وكأنك اصطدمت بجدار عريض لم تتخيله. تشعر بالخذلان والألم، بالحيرة والتساؤل، وربما باليأس والإحباط.

لكن في الحقيقة، ما نغفل عنه في تلك اللحظة الهامة من حياتنا هو أن هذه الأبواب لم تُغلق عبثًا، وأن يد الله تُدبّر في الخفاء أمرًا آخر. فكل شيء يحدث وسيحدث هو خير لك وفضل من الله سبحانه وتعالى، فعليك أن تنتظر طريقًا أجمل وأوسع وأرحب.

الحياة بكل ما فيها وفي جوهرها امتحان إيمان ويقين بالله، اختبار للصبر والثقة في تدبيره عز وجل. فحين تضيق عليك الحياة وتُوصد الأبواب، حين تخسر فرصة كنت تراها كل شيء ومنتهى أملك، يتهيأ لك أن النهاية قد حانت، وأن الدنيا قد أظلمت في عينيك بلا نقطة نور واحدة. لكن الحقيقة التي لا جدال ولا نقاش فيها أن ما تعتبره نهاية لحلم، ما هو إلا بداية لحلم جديد أكبر وأقوى وأهم. إغلاق باب ليس علامة على الخسارة، بل إشارة خفية لك أن الله يُمهِّد لك طريقًا لتمشيه لم يكن في حسبانك. ضياع فرصة هو الفرصة ذاتها، وعليك أن تتيقن أن هناك مسارًا آخر ينتظرك بكل الخير.

انظر حولك بتأنٍ ستُدهش بشواهد تثبت لك أن كل ضيق يأتي بعده فرج. وكما قال أجدادنا قديمًا: “ما ضاقت إلا أما فُرجت”، فكم من إنسان خسر عمله مثلًا فوجد بعده فرصة لم يكن يتخيلها، عوّضته عن فقدانه بالكثير والكثير. كم من علاقة انتهت بالخذلان والجروح والوجع، فكانت سببًا في ميلاد حياة أعمق وأصدق وأكثر مودة ورحمة! وكم من حلم تبدد ليفسح مكانًا لحلم آخر أعظم وأكبر لم يكن على البال ولا في الحسبان. ولولا الخسارة، لما فكرنا فيه من الأساس.

المسألة إذن ليست في غلق الأبواب، بل في عينك التي ترى. إن كنت تنظر إلى الغلق أو الخسارة فقط وتتعامل معها على أنها النهاية، ستظل واقفًا في نفس النقطة، وربما تخسر ما بقي لك من حياة، حزينًا مكتئبًا تندب حظك من الدنيا. أما إن أيقنت أن الغلق ما هو إلا إشارة إلى طريق جديد، وأن في منعه عطاءً كبيرًا ورحمة عظيمة، ستبدأ رحلة البحث عن النافذة. والنافذة دائمًا موجودة، مفتوحة وكبيرة، فقط تحتاج إلى يقظة قلب مؤمن وعين وَرِعة، وثقة في أن الله لم ولن يتركك، وهو من أراد لك طريقًا آخر لتسلكه.

اليأس قلة إيمان، والتشاؤم سوء ظن بخالق لا يخذل عباده أبدًا. لذلك، مهما تراكمت عليك المشاكل والأوجاع والخسائر، تذكر أن الانكسارات الكبيرة دائمًا يليها قوة عظيمة لا يدركها إلا الواثقون في ترتيبات الله واختياراته لهم، وأن الحرمان قد يكون منحة في صورة محنة.

إن الحياة مليئة بالأبواب المغلقة والنوافذ المفتوحة طالما ما زلنا نعيش فيها. أنت فقط تحتاج إلى أن تفتح عينيك وتنظر: إن الله لا يُغلق في وجهك شيئًا إلا ليفتح لك ما هو أوسع وأكبر وأهم. فامضِ، وكن على يقين تام أن رزقك لن يخطئك، وأن الفرج يأتي من حيث لا تحتسب.

وفي النهاية، لا تجعل الأبواب المغلقة توقفك أو تحبطك، ولا تسمح لليأس أن يقترب منك. وثق أن النافذة موجودة، وربما تكون أوسع من ألف باب.




تم نسخ الرابط