الخميس 02 أكتوبر 2025 الموافق 10 ربيع الثاني 1447

عودة مدير القطاع أصبحت ضرورة

1839
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

جفّت الحلوق وتحجّرت الكلمات من كثرة الحديث والمطالبات بإعادة هيكلة قطاع البترول. تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض، وكذلك ساخر، ولكن اجتمعت الظروف والأحوال على توقيف هذا المشروع لأسباب تبدو في ظاهرها إدارية وقانونية، بينما باطنها يحوي الكثير من المصالح المتشابكة وقلة الحيلة أيضًا تجاه أفواج من العمالة لا يمكن التصرف في أوضاعها، ولذلك آثر الجميع الصمت.

لا ننكر وجود مساعٍ حثيثة لمحاولة تعديل الأوضاع، وكان من بينها القرار الصادر بعودة الأستاذ إبراهيم خطاب لاستكمال خطوات إعادة الهيكلة، ولكنه لم يستمر لأن الأمواج كانت أعلى من أي محاولات للإصلاح.

وهنا، لن نبكي على اللبن المسكوب مرة أخرى، ولكننا سنحاول إلقاء الضوء على اتجاه واحد من اتجاهات إعادة الهيكلة، وهو ضم الشركات الصغيرة في كيان واحد، تخفيفًا للنفقات ومحاولة لخفض مشاكلها المالية والإدارية، التي هي أكبر بكثير من حجم إنتاجها.

حتى هذا التوجه المنطقي اصطدم بالعديد من العراقيل، أولها وأهمها اختلاف الشركاء والقوانين المنظمة لكل منطقة تنمية، إضافةً إلى اختلاف النطاق الجغرافي لكل شركة. وهكذا استمر الوضع، وأصبحت كل شركة تنتج 100 برميل أو يزيد قليلًا بحاجة إلى رئيس شركة وأعضاء مجلس إدارة وسيارات وسكرتارية… إلخ، وتطالب الهيئة بتسديد كل ذلك.

وإذا كانت عملية الاندماج قد فشلت، فلا بد من النظر إلى إعادة هيكلة نظام الإدارة على الأقل في هذه الشركات، بحيث يكون لكل عدد من الشركات الواقعة في نطاق جغرافي واحد رئيس قطاع. ومدير القطاع أو الرئيس – لا فرق – يقوم بالإشراف على الشركات في نطاقه، ويترأس مجلسًا يضم جميع رؤساء الشركات التابعة لقطاعه الجغرافي. هذا النظام سيجعل التنسيق بينها أكثر سهولة، ويكون التعامل مع رؤسائها في مجلس واحد يرأسه رئيس القطاع، وهو المنوط به التعامل مع الجهات الخارجية، وصاحب النظرة العامة لما تملكه شركاته من إمكانيات وكيفية التعاون فيما بينها إداريًا وعمليًا، وكذلك على مستوى تبادل الخبرات والمهام.

هذا النظام سيزيح عن كاهل الهيئة والشركات القابضة الكثير من الأعباء، وسيجعل عملية الاندماج واقعية مع الاحتفاظ بالوضع القانوني لكل شركة. ويكون هذا الرئيس مفوضًا تلقائيًا على الشركة التي يخلو فيها منصب رئيس الشركة إلى حين تعيينه، وله صفة قانونية في هذا التوقيت، مما يخفف عن الوزارة أعباءً إدارية كبيرة.

النظام المقترح به الكثير من التفاصيل التي يمكن التقدّم بها للجهات المسؤولة، ويأتي على رأسها مثلًا تكليف أقدم رئيس شركة أو أكبرها في قطاع معين لتولي هذا المنصب من دون أي أعباء مادية أو إدارية إضافية.

هذا النظام يحتاج في المقام الأول إلى إرادة تؤمن بأن التغيير واجب، وأنه قد حان الوقت لإعادة هيكلة منظومة إدارة الشركات بعيدًا عن شكلها الحالي، حيث تعمل كل شركة في جزيرة منعزلة وكأن رئيس الشركة هو “مالك العزبة” كما يتندر البعض.

العالم كله لم يعد يعترف إلا بالشركات العملاقة، ولا يصح أن نظل متمسكين بأوضاع شركات عفا عليها الزمن وأصبحت تمثل خسارة فادحة للقطاع، ولا يمكن استمرارها بهذا الوضع إلى ما لا نهاية.
#المستقبل_البترولي




تم نسخ الرابط