د محمد عبدالرؤوف يكتب : الشائعات سمٌّ قاتل .. والفتنة خطرٌ كامن

في زمنٍ كثرت فيه الألسنة الفاجرة، والأنفس الغادرة، يطلّ علينا شبحٌ أسود اسمه الفتن ونشر الشائعات، لا يُراد به إلا كسر الصفوف، وإطفاء المصابيح، وتحويل بيئة العمل إلى ساحة خصامٍ وريبة.
الشائعة ليست كلامًا عابرًا، بل قذيفةٌ خبيثة، تطلقها يد مأجورة أو نفس مريضة، لتصيب سمعة الشرفاء، وتغتال عزيمة المخلصين.
والفتنة ليست رأيًا ولا نقاشًا، بل سمٌّ زعاف، يندسّ في العقول، فيحوّل الثقة إلى شك، والإخلاص إلى عراك، والتعاون إلى خراب.
اعلموا أن بيئة العمل بلا أمانٍ كالجيش بلا سلاح، ومَن يروّج الشائعات ليس إلا خائنًا جبانًا يطعن مؤسسته من الخلف.
فالساكت عن الباطل شريكٌ في جرمه، والمستمع للشائعة ناقلٌ لها، وكلُّ من صمت أمام الفتنة صار شاهد زورٍ في محراب الحق.
إن الشائعة نارٌ لا تبقي ولا تذر، تبدأ همسًا وتنتهي حطبًا يحرق الجميع، وإن الفتنة لعنةٌ تطيح بالمؤسسات وتضعف الأوطان.
ولْيعلم كل مروّجٍ لها أن عقابه محتوم، وأن القانون له بالمرصاد، وأن المجتمع كله يرفضه ويُسقط قناعه الزائف.
إنّ بيئة العمل ليست مجرد مكاتب وجدران، بل هي وطنٌ صغير، أمانة في أعناقنا جميعًا. فإذا سمحنا للشائعات أن تعبث به، ضاعت الثقة، وتلاشت روح الفريق، وانفرط العقد الذي يجمعنا.
ولْنتذكر دائمًا أن السكوت عن الشائعة مشاركة فيها، وأنّ مَن يسمع باطلًا ثم ينقله، إنما هو شريكٌ في الجريمة ولو ادّعى البراءة.
لقد أثبت التاريخ أن الفتن أخطر من الحروب، والشائعات أشدّ فتكًا من السيوف. فهي تُغتال بها السمعة، وتُغتال بها الجهود، ويُضرب بها استقرار المؤسسات. وفي لحظةٍ عابرة قد تضيع سنواتٌ من الإنجاز، لأن شخصًا حاقدًا أطلق كلمةً مسمومة بلا ضمير.
فما الحل إذن؟
الحل في الوعي واليقظة، وفي رفض كل كلمة بلا دليل، وفي قطع الطريق على مروّجي الأكاذيب. الحل في أن تتعامل بحزمٍ لا يلين، فتقتلع الفتنة من جذورها، وتحاسب من يشعل النار كما يُحاسب من يسكب الزيت عليها.
إنّ الفتنة إذا اشتعلت أحرقت الجميع، والشائعة إذا انتشرت قتلت الحقيقة. فإمّا أن نحمي بيئة العمل بالوعي والصدق، أو نتركها ساحة خرابٍ للأكاذيب. والاختيار لنا جميعًا.
فلنحذر جميعًا من الفتن والشائعات، فهي سلاح الجبناء، وخنجر الأعداء، ونارٌ إن اشتعلت التهمت الأخضر واليابس بلا تمييز ولا إنذار.
ولْيكن سلاحنا دائمًا الوعي والصدق والإخلاص، ولْنقطع دابر كل خائنٍ يسعى لهدم الصفوف وتمزيق الكيان.
اللهم احمِ مصر من كل فتنةٍ وشرّ، واجعلها بلدًا آمنًا مطمئنًا، سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم احفظ شعبها من المضللين، واحرس جيشها من الحاقدين، وأيد قيادتها بالحكمة والنصر المبين.
اللهم اجعل الحق رايتنا، والوحدة قوتنا، والصدق شعارنا، واهدنا جميعًا إلى ما فيه خير البلاد والعباد.
كاتب المقال :
ا د محمد عبدالرؤوف
رئيس مجلس ادارة مركز تطوير الكيماويات لقطاع البترول