مجرد رأي: حديث المراجعة الداخلية الذي تأخّر كثيراً

انتظرت كثيراً مثل هذه الحلقة التي أذاعتها قناة حكاوي علام بخصوص (المراجعة الداخلية) في الشركات. هي بالفعل من الحلقات الهادفة والثقيلة التي تفتح ملفاً من أخطر ملفات العمل بشركات البترول، ومن لم يشاهدها فعليه الآن أن يشاهدها ويرى تعليقات المتابعين التي تعبر عن وجود خلل بالفعل في منظومة العمل، وأجواء من فقدان الثقة لا يمكن السكوت عنها، لأن لها دلالة سيئة بالفعل وربما مشاكل أكبر مما تم كشفه.

ولا أدري لماذا ننتظر الكارثة ثم نبدأ في مناقشة أسبابها وكيفية علاج الأسباب التي أدت إليها. وملف (المراجعة الداخلية) هو من أهم إدارات العمل بالشركات التي توارت وتضاءل دورها بشكل مريب، وأصبحت إدارات أخرى أقل أهمية بكثير إمبراطوريات لها أتباعها ومصالحها.

إدارة (المراجعة الداخلية) هي عصب حساس في منظومة العمل، يجب أن يبقى محفوظاً ومؤمناً لا مكشوفاً، لأنه إن بقي مكشوفاً فإنه يسبب آلام العصب المكشوف في جسم الإنسان، وترجمته هنا حدوث مشاكل كثيرة في الشركة.

يجب أن تكون لهذه الإدارة حصانة خاصة، ويجب أن يكون القائم عليها قد تم اختياره بعناية على المستوى الشخصي أولاً ثم المستوى الإداري والفني. فلا معنى أن يكون المسئول عنها ضليعاً فنياً وتبقى شخصيته ضعيفة لا تقدر على المواجهة أو المنازلة إذا لزم الأمر.

بالطبع لا ندعو لساحة حرب، ولكن علينا أيضاً أن نجعل صوت الحق والانضباط قوياً واضحاً قادراً على الخروج أمام أي منصب بلا خوف من تسلّط أو تنكيل.

لا يوجد طريق سوى إعادة هيكلة نظام العمل بهذه الإدارة الهامة، وأن يُعاد تجديد كوادرها في أسرع وقت، وأن يكون على رأس هذه الإدارة مدير قوي وناضج، خاصة في تلك الشركات التي تعرضت لمشاكل مؤخراً. وربما منحتنا الأزمات الأخيرة فرصة سانحة لإعادة الأمور إلى نصابها والعودة إلى الطريق الصحيح، وأن تتنبه السلطة المختصة إلى هذه الإدارة بعناية بالغة وتعيد إليها القوة والحياة، وأن تضع لها خطوات عمل واضحة للتعامل مع شؤون الشركات الداخلية، وأن تضع أيضاً – وهو الأهم – آلية للتواصل مع السلطة المختصة مباشرة بدرجاتها المختلفة حسب طبيعة وحجم المشكلة بما لا يؤدي إلى حدوث أي إحراج أو تشاحن داخلي. لأن ذلك – اختصاراً – هو الطريق الوحيد لإعادة الانضباط الإداري والمالي بالشركات. والسلام،،

#سقراط