سيد سالم يكتب: سيدي الوزير..البرغل هو الحل

السيد وزير الزراعة… تحية طيبة وبعد ،
تواجه مصر اليوم تحدياً وجودياً يتمثل في عجز مائي يقترب من 55% من احتياجاتها السنوية ، إذ نحتاج إلى نحو 120 مليار متر مكعب من المياه، بينما لا يتوافر لدينا سوى أقل من نصف هذا الرقم . هذا العجز المائي يفرض علينا استيراد غذاء يعادل ما يقارب 40 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية ، في وقت تبذل فيه وزارة الموارد المائية والري جهوداً مضنية لتعظيم كفاءة الاستخدام وتوفير موارد إضافية قدر المستطاع .
غير أن مسؤولية إدارة الأزمة لا تقع على وزارة الري وحدها ، بل تمتد إلى وزارة الزراعة بوصفها الركيزة الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي . من هنا يبرز سؤال مهم: هل حان الوقت لإعادة النظر في نمط الزراعات التقليدية التي تستهلك كميات هائلة من المياه ، والبحث عن بدائل أكثر ترشيداً وأعلى قيمة غذائية ؟
إن تجربة البرغل تمثل مثالاً واضحاً وجديراً بالاهتمام . فبينما يحتاج فدان الأرز إلى ما يتراوح بين 4500 و7000 متر مكعب من المياه سنوياً وفقاً للصنف وطريقة الزراعة والظروف المناخية ، يستهلك فدان البرغل قرابة 2100 متر مكعب فقط . أي أننا أمام محصول يوفر أكثر من نصف الاستهلاك المائي ، ويمنح في الوقت ذاته قيمة غذائية مضاعفة .
وللتوضيح: يحتوي كوب واحد من البرغل على نحو 574 ملغ من البوتاسيوم، 26 غراماً من الألياف، 17 غراماً من البروتين، 57% من الاحتياج اليومي من المغنيسيوم، و18% من الحديد. بينما لا يقدم كوب الأرز سوى 55 ملغ من البوتاسيوم، 0.6 غرام من الألياف، 4 غرامات من البروتين، و1% فقط من الحديد. الفارق صادم ويكشف بوضوح حجم المكاسب الصحية والاقتصادية في حال تبني هذا الخيار .
السيد الوزير ؛ إن التحدي الذي نواجهه اليوم ليس في زيادة الموارد فقط ، بل في حسن إدارتها وتوظيفها بما يخدم الأمن الغذائي ويصون الموارد المائية . ولعل البرغل – وغيره من المحاصيل الأقل استهلاكاً للمياه والأعلى قيمة غذائية – يمثل مدخلاً عملياً يستحق الدراسة والتبني ضمن سياسات التوسع الزراعي القادمة .
كاتب المقال: رئيس شركة خالدة الأسبق.