الثلاثاء 01 يوليو 2025 الموافق 06 محرم 1447

مجرد رأي: لماذا لا يتم تبادل الكراسي بين قيادات القطاع؟

788
المستقبل اليوم

تجديد الدماء وتدوير القيادات أحد أهم الطرق للوصول الى النجاح ، وفي قطاع حيوي كوزارة البترول، التي تمثل عصب اقتصادي لمصر، لا يمكن أن نغض الطرف عن الخلل الإداري المتمثل في بقاء بعض القيادات على رأس شركاتهم لفترات تتجاوز خمس أو حتى عشر سنوات ، وكأن المنصب “إقامة دائمة” لا ترتبط بكفاءة أو نتائج.

ومن غير المنطقي، ولا المقبول، أن يظل رئيس شركة بترول في موقعه لأكثر من خمس أو ست سنوات، مهما كانت إنجازاته، لأن الاستمرار الطويل يخلق نمطية فى الادارة وروتين، ويمنع وجود أي أفكار جديدة ويقود "دون قصد "إلى الترهل والشللية والمحسوبية .

القيادة وظيفة ترتبط بمرحلة وظرف معين، وإذا تجاوزت هذا الظرف، تتحول إلى عبء لا إلى قيمة، خاصة إذا غابت الرقابة الحقيقية من الوزارة والهيئة ، وسُمح بتراجع المؤشرات الفنية والمالية، دون أن يسأل أحد أو يُحاسب.

ومن هنا تأتي ضرورة تبادل الكراسي بين رؤساء الشركات داخل القطاع، ليس على سبيل التغيير الشكلي، بل بهدف تبادل الخبرات، وتجديد أساليب الإدارة، وضخ دماء جديدة في منظومة تحتاج دومًا إلى التحديث، فليس من العدل أن تضع كل خبراتك في مكان واحد، بينما تظل شركات أخرى تعاني من نقص الكفاءة والخبرة.

وإذا كنا نلوم شركة صغيرة على ضعف إنتاجها، فهل من العدل ألا نطالب رؤساء الشركات الكبرى، أصحاب الرواتب الضخمة والمزايا المتعددة وعضويات مجالس الإدارات، بتحمُّل مسؤولية النهوض بهذه الشركات المتعثرة؟ وهل من الإنصاف أن تقبع تذهب المناصب والمزايا الى قلة، بينما يُترك آخرون على الهامش رغم كفاءتهم؟

رئاسة الشركات يجب أن تكون تكليفًا لا تشريفًا، مسؤولية لا مجاملة، فمن غير المقبول أن تتحول بعض المناصب إلى جوائز تُمنح كمكافأة، أو تُدار بالترضيات والعلاقات، في حين أن البعض يعملون في مواقع صعبة دون تقدير حقيقي حتى الترقية منعت عنهم .

حتماً ، تدوير القيادات يمنح الوزارة أدوات تقييم أكثر دقة وعدالة، فعندما ينقل رئيس شركة من مكان غني بالإمكانيات إلى أخر يواجه تحديات، يكتشف الحقيقة على الطبيعة ومن ارض الواقع ، ومن هنا تصبح النتائج مرآة صادقة للأداء بلا أعذار ولا مبررات، كما ان التدوير يمنع ترسيخ مبدأ “توريث الكرسي” أو إنشاء امبراطوريات داخل الشركات .

الملف الأخطر هنا هو تراجع الإنتاج في بعض الشركات، وهذا لا يحدث بسبب الظروف فقط، بل نتيجة مباشرة لقرارات غير رشيدة، واستمرار بعض رؤساء في مواقعهم لسنوات دون تغيير، حتى أصبح النقد يوجه إلى الظروف لا إلى الأشخاص .

لذلك فمن العدل ان نطالب بتحديد مدة قصوى لرئاسة أي شركة لا تتجاوز خمس سنوات، مع إقرار آلية واضحة لتبادل المراسي بين رؤساء الشركات، دون استثناء، وتفعيل مبدأ المساءلة الفعلية، وربط بقاء أي رئيس في منصبه بتحقيق نتائج ملموسة لا بكلام معسول في الجمعيات العمومية، وإعطاء الفرصة لجيل جديد من القيادات الشابة المؤهلة، ليكتسبوا الخبرة من شيوخ القطاع، الذين يجب أن يتحولوا إلى مرشدين وناصحين، وكذلك تحقيق العدالة في توزيع الامتيازات ، بحيث لا يحصل بعض رؤساء الشركات على كل الامتيازات ، بينما آخرون يُتركون دون دعم أو تقدير.

قطاع البترول لا شك هو المحرك الأساسي للاقتصاد، ويحتاج إلى إدارة ديناميكية مرنة، لا إلى مكاتب أُغلقت عليها الأبواب منذ أكثر من ست او سبع او حتى عشر سنوات ، لدرجة ان هناك قيادات ناجحة زُج بهم لشركات وانهال عليهم التراب ولا احد يسمع عنهم شيء.

القطاع يحتاج إلى رؤية شجاعة تُعيد تدوير الخبرات، وتمنع احتكار الكراسي، وتربط المنصب بالكفاءة والنتائج لا بالعلاقات والمجاملات.
لأن أي دولة تريد النجاح ، لا تمنح المناصب فيها لراحة الاشخاص ولاقتناء جيش من السيارات، بل تمنح المنصب لمن يقدر على تحمل المسئولية ، أما من يعتاد الجلوس على الكرسي دون تحقيق نتائج ، فإنه "في الغالب " لن يرى مأساة غيره،،،والسلام .

#سقراط




تم نسخ الرابط