الإثنين 09 ديسمبر 2024 الموافق 08 جمادى الثانية 1446

د أشرف المحروقي يكتب: الوشاية والخبيئة الصالحة

1104
المستقبل اليوم

الوشاية... خلق ذميم وسلوك مشين يقطع الأواصر وينشر الفساد ويفرق بين الناس

الخبيئة الصالحة هي طاعة تفعلها لا يطلع عليها أحد إلا الله ، قد تكون أذكاراً ترددها ، أو ركعات تصليها ، أو صدقة تخفيها أو كربة تفرجها ، أو آيات تتلوها ، أو دمعاتٌ تنثرها بين يدي رب العالمين ، أو مساندة وفعل الخير مع الناس وترك بصمة بقلوبهم .

من تخلق بالوشاية لا يتحمل فعل الخبيئة الصالحة وإن حاول أظهار ذلك للناس ، ف الوشاية طريق الشيطان والخبيئة هدايه الرحمن.

الوِشاية تعرف في اللغة : وشى به إلى السلطان ويشي ووِشايةً ؛ أي نمَّ عليه وسعى به، فالوشايةُ تحريضٌ لمنع حق من الوصول إلى صاحبه أو للإضرار بشخص ما ، وقد تكون بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة ، هناك ثلاثة أطراف في الوشاية: الواشي ومن وُشي به ، وصاحب السلطة الذي يملك الولاية والقرار والنفوذ.

الوشاية خلق ذميم يستغل للإفساد بين الناس ، ويفرق بين الأحبة ، وللأسف الواشي لا يدرك أنه واشي ، لأن لديه هدف يسعي لتحقيقه ويريد تحقيقه باي طريقة ممكنة .

وما أكثر الوشاة الذين يحاولون تزيين أقوالهم للوقيعة وكأنهم يحاولون المحافظة على المعنى اللغوي للفعل الذي اشتقت منه الوشاية ، ولا يلام علي الواشي فقط بل ومن وشي به وصاحب السلطة لان من اراد البعد عن الوشاية فعلها ونجي من مهالكها ، ولكن للأسف يكون الواشي والموش وجميع الأطراف أصحاب مصالح تتوافق وتتماشي مع أهدافهم.

ويذكر التاريخ في صفحات سيئة ذلك الدور المشين الذي لعبه الوشاة فأشعلوا النفوس حقداً وأوقدوا للحرب نيراناً في مختلف العصور بفعل الوشاية في المجتمعات حيث إنها تبدأ من القلب ويترجمها اللسان وترجع بنتائجها إلى القلوب فتُوصد الأبواب وتقطع السبل وتفتح أبواب الشر، ويظن الواشي أنه قد أرضى نفسه وأراح فكره وحقق هدفه ، وينسي انها الدنيا وينتظره حساب الآخرة وهي دار البقاء.

إن مَنْ يسعون بالوشاية في حاجة بأن يحفظو ألسنتهم عن الوقيعة وبث الضغينة بين الناس ، أمَّا من يسمعون لمن يسعى بالوشاية فليراجعوا ويتفهموا.

ومن يطيع الواشين لا يتركوا له صديقًا وإن كان الحبيب المقربا  .

إذا الواشي بغى يوماً صديقًا فلا تَدعِ الصديقَ لقولِ واشِ
مواجهة النمام .

الخبيئة الصالحة هي عبادة السر وطاعة الخفاء ، زينة العبد في خلوته ، وزاده من دنياه لآخرته ، بها تفرج الكربات ، وتسموا الدرجات ، وتكفر السيئات.، لا تخرج إلا من قلب كريم قد ملأ حب الله سويداءه ، وعمرت الرغبة فيما عند الله أرجاءه ، فأنكر نفسه ، وأخفى عمله ، وتجرد لله يريد قبوله من مولاه ، فما أجمل هذه النفوس الطيبة ، والقلوب النقية ، والنيات الصافية.. التي تخفى عن شمالها ما تنفق يمينها. وتحاول إصلاح ما افسدته الوشاية .




تم نسخ الرابط