الخميس 28 أغسطس 2025 الموافق 05 ربيع الأول 1447

المنح أم المساواة فى الحقوق المالية !

24
د أحمد هندي:
تعد مسألة المنح المالية فى المناسبات الرسمية والأعياد من قبيل المسكنات المالية التى تمنح لذوى الحاجة من الفقراء ، وهو ماكان يطبق على الطبقات الوظيفية الكادحة التى تعانى من الفقر والبطالة ، ويئنون من ثقل الأسعار وثقل الأيام عليهم ، لأنى والله أرى الذى فى وجوهم من الخوف من عدم القدرة على الوفاء بأحتياجاتهم اليومية .
وعلى الضفة الأخرى من النهر أرى طبقة الأشراف الذين لهم من الحقوق المالية أعلاها ، ومن الواجبات أدناها ، تتمتع بالعديد من الأمتيازات المالية والعينية ، ولا يجد أبناؤهم فى أنفسهم حاجة لبذل الجهد للبحث عن عمل ، لأن العديد من الوظائف محجوزة لهم بقوة القانون ، أو ما أستقر عليه العمل فعلا .!!
ولا تشعر الطبقة الحاكمة من الأشراف بحالة الأغلبية العظمى من معدومى وجود أى فوائض مالية من الدخل على مدار العام بل ديون وسلف وطلب منح ومعونات ...والسبب أن المساواة فى الحقوق المالية بينهم غير قائمة ، فلكل طبقة وزن خاص وقدر خاص ، هكذا قسمتنا القوانين الوضعية ( بهوات وسوقة )!!
إلا أن مبرر الدعم وآثاره على الشركات ، أقترب من أن تصبح المساواة فعلية وليست نظرية بين كافة الشركات .
ويختلط الأمر لدى الكثير من العاملين بقطاع البترول حول التفاوت فى الحقوق والواجبات والتمييز بين الشركات ، على الرغم من أنهم جميعا يخضعون لمظلة واحدة وزارة البترول، ويرجع ذلك إلى التقسيم القانونى للشركات وهى على النحو التالي :-
١ ) شركات القطاع العام وهى الشركات المملوكة بالكامل للدولة ، ويخضع العاملون بهذه الشركات للقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٨ ، والذى لم يطرأ عليه إحلال وتجديد منذ ٤١ عام . وتسرى عليهم أحكام اللائحة التنفيذية للهيئة العامة للبترول بنصوصها الجامدة مالية ، بحجة الدعم لذا فهم الأقل أجرا على مستوى قطاع البترول فيما يتعلق بالروابط المالية للدرجات المالية ، وهؤلاء ليسوا فى حاجة إلى منح مالية فقط ، بل معونات مالية وعينية على مدار العام .
٢) شركات قطاع الأعمال العام ، وهى شركات قطاع عام تم تخصيصها طبقا للقانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ ، وتساهم الحكومة فى رأس مالها ، ويخضع العاملون بها لقانون العمل الخاص رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ ، وهى الشركات القابضة التى تقوم على الإدارة والإشراف على مساهمتها فى شركاتها التابعة ، وهى القابضة للغازات الطبيعية ، والقابضة للبتروكيماويات ، وجنوب الوادى القابضة للبترول . ولا وجود للشركات القابضة فى حالة عدم وجود شركات تابعة لها ، وعلى الرغم من سيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة ألا أنها تستقل عنهم فى المعاملة المالية ، ولا توجد مساواة مالية وهو ما يعنى وجود شركات تابعة لاتسطيع صرف العلاوات السنوية نتيجة الإستقلال وعدم تحقيق أرباح بسبب الدعم ، على الرغم من أنها شركات تجارية ، والعاملون فى الشركات التابعة لا يختلف حالهم عن أقرانهم في القطاع العام يستحقون المنح والمعونات ، ولكن لا يشعر بهم طبقة الأشراف أصحاب الفوائض والارصدة البنكية .
٣) الشركات المشتركة أو الإنتاج من خلال الاتفاقيات مع الشركات الأجنبية العاملة فى مجال البحث والاستكشاف والإنتاج والتنمية ، ويتجاوز عددها ١٠٠ شركة تقريبا ، ويصدر قرار تأسيسها بموجب مشروع قانون من مجلس النواب يقره رئيس الجمهورية بموجب الدستور ، بالترخيص لوزارة البترول والهيئة العامة بقيام شركة مشتركة لها لائحتها الخاصة وفقا لقيمة الأستثمار فى المشروع حسب الشروط الإتفاقية .
وأبرز الشركات المشتركة العاملة فى مجال الإنتاج البترولى ، شركة جابكو وبتروبل بأعتبارهما أصحاب النصيب الأكبر من الدرجات الوظيفية العليا بديوان عام الوزارة ، أو الهيئة العامة للبترول ، كأكبر مدرستين لأعداد وتأهيل الكوادر الفنية والبشرية !!
٤) الشركات المنشأة بموجب قوانين خاصة ، مثل شركة سوميد ، أنبى ، بتروجت ولهم دور فعال فى تنفيذ العديد من المشروعات الإستثمارية الوطنية ، وكان للقيادات التنفيذية بهذه الشركات دورا فعال فى رفع كفاءة الأداء ، وإعداد العديد من القيادات التنفيذية العليا ، واللوائح الوظيفية لهذه الشركات تقوم على مبدأ الأجر مقابل الأداء !!
٥ ) الشركات الأستثمارية المنشأة بموجب القانون رقم ٨ لسنة ١٩٩٧ ، قانون ضمانات وحوافز الاستثمار ، وهو القانون الذى نفذه المهندس سامح فهمى وزير البترول الأسبق ، بمحاكاة نموذج الشركات الأجنبية المشتركة فى صورة وطنية ، من خلال امتلاك الشركات والمؤسسات والبنوك المالية لهذه الشركات ، ولكل شركة لائحتها الخاصة التى تقوم على رأس المال المستثمر ، وصافى الأرباح السنوية مع التفاوت فى المميزات المالية والعينية .
المساواة الفعلية تعنى المعاملة المالية العادلة بتطبيق اللائحة الأعلى أجرا على مستوى القطاع على الكافة ، بأعتبارها مركزا قانونيا فعليا اكتسبه العاملين بهذه الشركة ، لأن المساواة تكون أمرا قائماً وحقيقياً فى حالة رفع الدعم نهائياً عن المنتجات البترولية .
إذاً فالأمر ليس مجرد سطور تقال وتكتب ، فلم نعد فى حاجة إلى منح مالية .



تم نسخ الرابط