السبت 27 ديسمبر 2025 الموافق 07 رجب 1447

مجرد رأي: مرمطة القيادات

1206
المستقبل اليوم

في مشهد درامي مؤثر بطله الفنان أحمد حلمي في فيلم عسل أسود، قال جملته الشهيرة:
«أنا اتمرمطت يا راضي»، وكان هذا تعبيرًا عمّا واجهه من أحداث بمجرد أن نزل إلى المدينة المزدحمة بالناس والأحداث وثقافات التعامل المختلفة عنه.

بطل القصة تعامل بالطريقة التي اعتادها، وهي في مجملها صحيحة بل ومنطقية، لكنها لم تتواءم مع ما واجهه من ثقافة مختلفة في التعامل بين الناس وحياتهم في بلادنا.

هكذا هو الحال في جميع أروقة العمل لدينا. هناك من يتعامل بصورة مباشرة، بدون خطوط ملتوية أو كلمات ملونة زائفة، ومن ثم تجده يواجه ما واجهه هذا الشاب. هناك قيادات كثيرة لها طباع شخصية مستقيمة، وتعاملت بهذا المنطق وعلى هذا الأساس، وللأسف تم تصنيفها على أساس أنها صانعة للمشاكل.

وهناك أيضًا قيادات لا تجيد فنون التواصل الاجتماعي بالطريقة التي نعيشها الآن، وتُصنَّف على أنها متعجرفة فظة التعامل. وهناك نوعيات أخرى بها نوع من الانطوائية، ولا تميل إلى الدخول في علاقات من أي نوع، ولا يهمها سوى علاقات ساعات العمل.

مثل هذه النماذج، للأسف، هي من تتعرض دائمًا للإزاحة من شركة لأخرى، ومن مكان لمكان، وهو ما يشعره بـ«المرمطة» بلغتنا الدارجة. هناك شخصيات كثيرة تعرضت بشدة للكثير من البهدلة خلال فترة خدمتها، بعد أن أخذ الناس انطباعًا خاطئًا عنها، وللأسف معظمه شخصي.

لا جدال أن المقومات الشخصية عامل مهم في القيادة، لكنها ليست المعيار الوحيد للقياس واتخاذ قرار بشأنها كل فترة وأخرى.

وفي النهاية تبقى قوة الشخصية في تحمّل كل ما يمر عليها من ظروف، وأن تتقبل الأمر الواقع بشجاعة، فكل مكان هو عمل محترم، وربما يحتاج مثل هذه الشخصية بالفعل وهو لا يدري.

لا توجد رحلة كفاح بدون ألم ومصاعب، وهي من سنن الحياة فينا، والقوي والواثق من نفسه وقدراته هو القادر أن يستوعب الأحداث حتى لو كانت مريرة، وهو راضٍ، أملًا في أن يعرف السائق "راضي" معنى المرمطة.

والسلام،
سقراط




تم نسخ الرابط