ماذا يحدث في شركة برج العرب؟
تصورات البعض تجاه الكشف عما يحدث داخل الشركات قد يُفسَّر على أنه نوع من شخصنة الموضوعات، في حال تحديد شركة بعينها لعرض ما بها من مشكلات، بهدف إحراج قياداتها أو الدخول في تحليلات من هذا القبيل.
والعكس صحيح؛ فما يتم عرضه هو نماذج لمشكلات يجب أن نعيها جيدًا من حيث المسببات وطرق الحل، لتكون نمطًا يُحتذى به في منع تكرارها في أماكن أخرى.
ونعلم جيدًا أن استغاثات العاملين وتظلماتهم لا تنتهي؛ منها ما يؤخذ في الاعتبار، ومنها ما يشوبه التهويل أو المصالح الشخصية.
وكثير من هذه الأحداث دائمة الظهور في مثل تلك الشركات التي تعاني من عدم وجود نشاط حقيقي، وتغيب عنها دوامة العمل التي يجب أن تكون هي الغالبة على أي أحداث أخرى، بما يوجه التفكير والتركيز نحو العمل ومشكلاته.
وعندما تحدثنا عن الشركات التي تضع أيديها في «مياه باردة»، لم نكن نقصد شركة بعينها، ولكن كان اسم الشركة في هذا الموضوع الهام مجرد نموذج نتمنى له النجاح، ولا نتصيد له الأخطاء.
وبرج العرب، التي كان يُعوَّل عليها أن تكون أيقونة إنتاج بمنطقة الصحراء الغربية، بها من الأحداث ما لا يمكن التغاضي عنه؛ لأن أسلوب العقاب الجماعي لا يمكن الاعتداد به كسياسة رشيدة في إدارة الشركات.
وأصبح أسلوب امتناع أحد الأعضاء عن التوقيع على صرف مستحقات العاملين موضة قديمة في أساليب الإدارة، بل ومُمنهجة، ويجب أن تتدخل الهيئة بسلطاتها لمنع مثل هذا الأسلوب.
وبالتأكيد يجب أن نُعوِّل كثيرًا على مدى قوة قيادة الشركة، وقدرتها على التعامل المهني والدبلوماسي مع الأحداث، وإلا أصبحت الشركة ساحة لكل رأي وتصرف، يفعل فيها الجميع ما يهوى وما يشاء.
حقوق العاملين لا تهاون فيها، والجانب الأجنبي في الشركة لا يدفع من حسابه الخاص، لأنه يستردها كاملة؛ وبالتالي فإن التعامل السلطوي مع مثل هذه الأمور يجب أن يُواجَه باجتماعات رفيعة المستوى، حتى يعرف الجميع دوره، مع التأكيد المطلق على أن الجميع، رؤساء ومرؤوسين، مصريين وأجانب، يعملون تحت مظلة القانون.
هذا مثال آخر من الشركات التي تضع يدها في «المياه الباردة»، بتصرفات ومشكلات هزلية، في وقت تخوض فيه الدولة، بكافة مؤسساتها، حربًا ضروسًا على المستويين السياسي والاقتصادي لتأمين مصادر الطاقة في البلاد.
لا يمكن أن نَعهد بشركاتنا إلى من هو غير قادر على الإدارة من الجانبين، حتى نكف عن سماع مثل هذه المشكلات الهزلية التي تُصيبنا بالامتعاض، وتُصدر صورة سيئة عن قطاع البترول ككل. وعلى كبار القيادات في الوزارة والهيئة أن يضعوا حدًا لهذه التصرفات.
المستقبل البترولي