الأحد 23 نوفمبر 2025 الموافق 02 جمادى الثانية 1447

مجرد رأي: حكايات العيد وراندي وأبيسكو والتكرير والمريض…وما خفي كان أعظم

1227
المستقبل اليوم

صورة سريالية غريبة تشكّلت في الأيام الماضية، رسمتها خطوط متباعدة متنافرة وإن كان يربطها فِكرة ومضمون واحد. لم تحظَ مناسبة عيد البترول بزخم كما حظيت به هذا العام؛ فقد تجمّعت فيها المطالب والاستغاثات من كل حدب وصوب، وكأن المناسبة هي طوق النجاة في بحرٍ مائج. كان الأمر مستغربًا في بدايته، ثم بات من تكراره كل يوم كالمنهج الدراسي المقرّر.

وجاءت النتائج غير مفهومة أو مُرضية للكثير، فاعتبروها التفافًا على مطالبهم، وسرت بينهم حالة من الإحباط واللامبالاة. وجاء حديث راندي في إطار هذه المناسبة ليضع الكثير من النقاط فوق الحروف، خاصة في موضوع دمج شركة قارون في خالدة، ليُغلق باب اللغط في هذا الملف ويفتح شكلًا جديدًا للتعامل الإداري مع واحدة من أكثر الإدارات تحفظًا في الوزارة، وهي الإدارة المركزية للاتصالات والمعروفة عمومًا بالشئون الإدارية.

وجاءت ترقيات عاملة أبيسكو لتهدئ من روع هذا المجتمع الكبير، صاحب أعلى معدلات الشكوى في القطاع، وإنْ كانت الشكوى مستمرة في بعض المطالب الأخرى، ولم تنتهِ القصة حتى الآن.

وتسري شائعات كثيرة عن تغييرات محتملة في قطاع التكرير، ويبدو أن هذا القطاع بحاجة إلى إعادة هيكلة قياداته بشكل كامل، خاصة في شركات القطاع العام.

ثم يكمل مريض الإسكندرية الصورة بموقف درامي يُظهر تعرضه — وهو طاعن في السن — لتضارب في خطوات علاجه، في ظل انتقادات حادة لهذا المركز، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الناس بلا شك، خاصة فيما يتعلق بحساسية التعامل العاطفي مع المرضى.

الرابط العام بين كل هذه الأحداث يوضح أن هناك فورة غريبة في الشكوى والمطالب، وظهور سلبيات متعددة لم نَرَها من قبل، في مشهد يبتعد كثيرًا عن أحد ثوابت البترول المهمة: العمل أولًا مهما كانت الظروف.

المجتمع المدني على قناعة أن العاملين بقطاع البترول من الشرائح المميزة ماديًا، وأن أغلبهم يملكون مسكنًا وسيارة وأولادهم في أرقى المدارس؛ إذًا لماذا كل هذه الشكوى المريرة؟
أدركت قيادات الإعلام أن هذه الصورة لا يجب أن تتصدر المشهد بهذا الشكل، فحاولت تطعيمها بأخبار بعض الاكتشافات وإضافة إنتاج جديد، وعمل لقاءات مع المسئولين والعاملين، لكنها لم تكن كافية لخلق حالة مغايرة للواقع أمام هذا السيل من الأحداث والشكاوى.

هناك شيء ما يجب أن يتغير حتى تهدأ هذه الحالة، لأن وجودها بهذا الشكل يفقد التركيز، بل استُغلت من بعض جهات أخرى في الدولة لتمرير بعض المطالب، مما يخلق صورة مقلقة أمام القيادة والمجتمع.

يجب أن تكون هناك وقفة حازمة، وتغيير طريقة التعامل بشكل ذكي، وبدء مرحلة جديدة من العمل الميداني والتقني ليخرج العاملون من هذه الحالة في أسرع وقت.

يجب أن تقوم لجان مركزية على الفور بالتفتيش على جميع أجهزة الحفر العاملة، خاصة في شركات الصحراء الغربية ومحطات الإنتاج في مختلف المناطق، بصورة مفاجئة لمراجعة نُظم الأمن والسلامة، وتطبيق عقوبات رادعة على أي تهاون، ومكافأة المجتهد، ومراجعة خطط الإنتاج بشكل موضوعي، وتذليل العقبات فورًا قدر المستطاع.

يجب أن تكون هناك أدوات فعّالة وعاجلة وحديث إعلامي مباشر ليعود الجميع إلى تركيزهم في العمل والإنتاج، وأن تبقى محفظة المطالب في شكلها الصحيح، يخرج منها تدريجيًا ما هو قابل للحل في التوقيت المناسب. وبغير ذلك ستكون الخسارة فادحة ومن نصيب الجميع.

والسلام،
سقراط




تم نسخ الرابط