سلامًا لأيام كان هؤلاء مرشحين للوزارة
لا جدال في أهمية دور رئيس أي شركة في إدارتها، ووضع استراتيجيات عملها، وتطبيق القواعد واللوائح، والإشراف على ذلك. كل هذا مهام يعلمها الجميع وتبدو منطقية، لأن لكل منشأة رئيسًا يتحدث باسمها ويكون مسؤولًا عن كل ما يجري بها من أعمال وما تقوم عليه من أنشطة.
ولأن اتجاهات الرياح تهب دائمًا في الاتجاه المنخفض أو ما هو سائغ للعقول والنفوس، يظهر الدور الشرفي سريعًا، المعروف بـ”شرفية الحضور” دون التدخل الفعلي في أبجديات العمل والتخطيط والإخراج النهائي.
فتجد أن معظم رؤساء الشركات في الوقت الحالي قد اكتفوا بهذا الدور السائغ والسهل، الذي يتميز بالابتسامات والاجتماعات وحب الإشادة، وتوخي الحذر من أي أخبار تخرج من شركته، ومحاربة طواحين الهواء.
دعونا نتجه تفصيلًا إلى مفردات هذا الدور:
في مؤتمر إيجيبس مثلًا، أكثر من ٩٠٪ من رؤساء الشركات هم ضيوف شرف، لا يعرفون عن أهداف المؤتمر شيئًا، وحضورهم مجرد إجراء رسمي مفروض عليهم، رغم ضرورة وجود مجلس لرؤساء الشركات يحدد ويخطط ما ستجنيه كل شركة من هذا المؤتمر.
أما المحطة الثانية، فهي في مشاكل العاملين الجماعية داخل أي شركة، وأسبابها كثيرة. تجد أن الموضوع قد انتقل برمته إلى السلطات الأعلى، ويصبح رئيس الشركة من المتفرجين ليس إلا، أو مجرد محرر لتقرير عن المشكلة، أما دوره الفعلي فلا تجده حاضرًا.
أما الموضوع الثالث، فهو وضعية المحاور الستة لقطاع البترول، فهل سمعتم بتدخل أي رئيس شركة برأيه في ذلك؟ وهل كانت الآراء مطروحة قبل صياغة هذه المحاور لتصبح واقعية قابلة للتنفيذ في ظل المشاكل التي تمر بها كثير من الشركات؟!
هذا ما جعل شركات كبرى تغرد خارج السرب، لأنها لم تعلم ولم تُشارك في فلسفة وضع هذه المحاور أو في طريقة تطبيقها.
لن يستقيم الأمر مع كثرة “ضيوف الشرف” بهذا الكم، بعد أن أصبح الجميع يؤثر السلامة والعمل في الخفاء، وكأن الإعلام أصبح عدوًا، والتعامل معه جريمة. أصبح التخفي والصمت سلاح الاستمرار، أما الظهور، فهو مجرد أداء لدور ضيوف الشرف في أي عمل.
هذا ليس نقدًا أو هجومًا، بل وصف دقيق لواقع مرير يمر به قطاع البترول. لا ندري أسبابه تحديدًا، لكن على ما يبدو أنه نما عامًا بعد عام دون أن ندري، حتى أصبح بنيانًا راسخًا وعلامة مميزة لقطاع البترول.
سلامًا لأيام مضت كان فيها مديرو العمليات ورؤساء الشركات من المرشحين للوزارة بقوة شخصيتهم، وعلمهم، وآرائهم البنّاءة، وعدم استسلامهم للخوف بالشكل الذي يسيطر على أبناء هذا الجيل بشكل لم نعهده من قبل. وإذا أردت مثالًا، فالمهندس محمد الشيمي خير من يمثل فئة الأقوياء.
إن التغيير الذي ينشده الوزير لهذا القطاع، والتطوير الذي ننتظره بخلفية خبرته الدولية، يجب أن يعالج هذا الأمر من جذوره، وأن نؤمن بأن القطاع القوي لا يكون قويًا إلا بكل قياداته.
ولهذا، يجب أن يمر المرشحون للمناصب القيادية بعملية فلترة دقيقة، بل واختبارات قدرات نفسية وإدارية إذا لزم الأمر، ليكون الاختيار سليمًا قدر الإمكان.
على أن نمنحهم ثقة التعامل والمساندة في أداء دورهم، حتى يستشعروا الاطمئنان ويصبح لهم دور فاعل له أبعاده المحددة وأثره على واقع العمل والإنتاج.
لا يمكن الاستمرار في هذا العرض المليء بضيوف الشرف الصامتين الخائفين إلى الأبد.
المستقبل البترولي