الجمعة 17 أكتوبر 2025 الموافق 25 ربيع الثاني 1447

التقرير الخطير وصراع الخطوات الأخيرة والتغيير

1498
المستقبل اليوم

أخيرًا ظهر التقرير الخاص بمؤشرات العجز التجاري في ميزان المدفوعات، الذي أوضح أن العجز التجاري نتيجة لاستيراد المواد البترولية قد تجاوز ٣٠ مليار دولار. وكنا قد أشرنا إلى هذا الموضوع الشائك أكثر من مرة، موضحين أن حل المشاكل بزيادة الاستيراد يجب أن يكون مرحلة مؤقتة يعقبها إجراءات حاسمة للتعافي وضبط الأمور، حتى لا يتجه إلى منحى خطير يهدد توازن العملية الاقتصادية برمتها ويدفع بأسعار المحروقات في السوق المحلي إلى تزايد مطّرد بلا نهاية.

التقرير صادر بالطبع من جهات رسمية، وبه العديد من المؤشرات التي تثير القلق حول قدرة الإنتاج المحلي على خفض الفاتورة الاستيرادية بشكل فعال ومؤثر. كان حديثنا عن الترشيد وضرورة خفض الاستهلاك غير الضروري وترشيد حركة السفر من وإلى الحقول، وضرورة التوسع في تحويل سيارات الشركات للعمل بالغاز الطبيعي، على خلفية إشكالية واضحة تشير إلى تزايد حدة الاستيراد بشكل كبير.

هذا الوضع يجعل من الضرورة أن يكون مؤتمر “إيجيبس” القادم بشكل مختلف وبإدارة مختلفة تعمل على فتح حوار علمي واقتصادي واضح لتحديد القدرات الإنتاجية للبلاد بكل وضوح وشفافية، مثلما فعلت العديد من الدول لدراسة مواردها بشكل علمي صحيح. وعلى الصعيد الحالي، لم نرَ حتى الآن إجراءات صارمة لترشيد الإنفاق والاستهلاك، مهما كانت الصعوبات التي ستواجهها، ومهما تعالت الأصوات الرافضة التي اعتادت على الاستخدامات العشوائية.

مرور فترة الصيف بدون مشاكل يُحسب للإدارة الحالية بكل تأكيد، لكنه كان بالغ التكلفة، وهو ما انعكس على الميزان التجاري بشكل عميق. وإذا كانت فترة الصيف قد مرت بسلام، فإننا ندخل فترة (خريف التغيير) حيث تظهر التيارات السياسية والإدارية الراغبة في الصعود والظهور، فيما بين قوى برلمانية جديدة وحكومة جديدة لا نعرف تيارات تشكيلها حتى الآن. ولا شك أن قطاع البترول سيتأثر بشدة بتلك التغييرات، وما يحدث الآن من تغييرات وتعيينات هو عملية ترتيب أوراق تبدو تمهيدًا لتغييرات قادمة.

قطاع البترول نفسه يموج بتيارات مختلفة من المحافظين القدامى وأرباب الجيل الجديد الذي يريد أن يثبت ذاته، وكذلك مجموعة رجال الأعمال التي تراقب عن كثب تطبيق سياسات واضحة للاستثمار، وخاصة في قطاع التعدين. الفترة القادمة بالغة الحساسية ويجب التركيز على تحقيق أهداف ملموسة تجعل من جهود العام السابق ذات تأثير مادي واضح وصريح، وألا يكون العجز الهائل هو عنوانها الأول.

كذلك لا يجب أن تأخذنا مشاكل العاملين وعضويات مجالس الإدارة وما شابه من طموحات شخصية عن الطريق الصعب الذي يجب أن نسلكه ليستعيد القطاع قدرته ومرونته. للمرة العاشرة ننتظر إجراءات تصحيح صارمة، والتخلص من رؤوس الفساد في أي موقع وبشكل سريع، مع تفكير خارج الصندوق للعديد من عناصر التكلفة المؤثرة، ودراسة الاحتياج لسفن التغييز بطريقة جديدة تحد من نفقات تشغيلها واستئجارها. وكذلك تقييم مدى ما تم إحرازه من تقدم في مجال الطاقة المتجددة في استخدامات الشركات بمبانيها وحقولها.

الامتحان الصعب على الأبواب، والجميع في انتظار النتيجة.

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط