الجمعة 26 سبتمبر 2025 الموافق 04 ربيع الثاني 1447

مجرد رأي: هل حان الوقت للاستعانة برؤساء شركات أجانب؟

770
المستقبل اليوم

انتهى الموسم السنوي لانعقاد جمعيات الشركات البترولية، وهدأت الأجواء داخل القطاع بعد صرف المكافآت السنوية للعاملين، لكن الوقت بات مناسبًا لإعادة ترتيب الأوراق وتقييم نتائج عام مضى كان مليئًا بالزخم الإداري والفني والتفاوضي. ويأتي هذا التقييم وسط ظروف استثنائية، تسبق انتخابات مجلس النواب الجديد وإعادة تشكيل الحكومة، ما يفرض على قطاع البترول الاستعداد المبكر لفصل جديد من العمل، عنوانه الأبرز: تأمين الطاقة وتحقيق الاستقرار الإنتاجي.

وفي مقدمة الملفات المطروحة تبرز أوضاع الشركات الكبرى مثل جابكو، بتروبل، بدر الدين وعجيبة. وتأتي شركة بتروبل في الصدارة مع اقتراب بلوغ رئيسها الحالي الدكتور خالد موافي سن التقاعد، وهو الذي عُرف بهدوئه وخبرته الإدارية والفنية، وتمكّن بأخلاقه وأدائه المهني من قيادة أكبر شركات الإنتاج بكفاءة. كثيرون يرون أن خبراته لا ينبغي أن تُهدر، وأنه يستحق البقاء مستشارًا بارعًا للوزير حتى بعد تقاعده الرسمي.

لكنّ التحدي الأكبر لا يتوقف عند شخص الرئيس الحالي، بل يمتد إلى مستقبل إدارة شركات البترول الكبرى في ظل تراجع إنتاج بعض الشركات بشكل ملحوظ، مع الاكتفاء بتبريرات متكررة حول “شيخوخة الحقول والتناقص الطبيعي”. وإذا استمر هذا النهج السلبي، فإن بعض هذه الشركات قد تختفي من المشهد خلال سنوات قليلة. الحقيقة المؤلمة أن إنتاج كثير من الشركات لم يعد يتجاوز حاجز مائة ألف برميل يوميًا، بعد أن كانت في الماضي تسجل نصف مليون برميل وأكثر.

ومنذ تولي المهندس كريم بدوي حقيبة البترول، كان الهدف المعلن هو الخروج من نمطية الإدارة الحالية والاقتراب أكثر من أنماط الإدارة الدولية الحديثة، التي يعتمد عليها الشركاء الأجانب ويطبّقونها بنجاح في مختلف أنحاء العالم. القيادة السياسية حينها كانت قلقة من التراجع المخيف في القطاع، ما جعلها تبحث عن قيادة جديدة بخلفية دولية، قادرة على إحداث نقلة نوعية في الأداء.

ومن هنا يطرح السؤال نفسه: هل حان الوقت للاستعانة برؤساء شركات أجانب لإدارة بعض الشركات الكبرى؟

المعارضون للفكرة يستندون إلى النصوص القانونية التي تنظّم عمل الشركات والهيئة، بينما يؤكد المؤيدون أن “لا قيمة لقانون بلا إنتاج”، وأن الالتزام الشكلي باللوائح لن يساهم في خفض الفاتورة الاستيرادية أو في تعزيز إنتاج الخام والغاز. ويستشهدون بتجارب ناجحة في مجالات أخرى، مثل الرياضة، حيث تستعين الأندية بمدربين أجانب برواتب ضخمة، دون أن يعترض أحد على الفكرة، فلماذا يُنظر بعين الريبة إلى الاستعانة بخبرات أجنبية لقيادة شركات تملك ثروات استراتيجية وتتحكم في احتياجات أساسية للبلاد؟

المقترح يتمثل في تجربة رمزية تُطبق على شركة أو اثنتين، بحيث يتم استقدام خبير دولي أو حتى خبير مصري بخبرة دولية مشهود لها، يتولى رئاسة الشركة وفق استراتيجية واضحة تحدد أهدافًا ومؤشرات أداء دقيقة. ويكون لهذا الخبير صلاحيات كاملة في إدارة الملفات الفنية والإنتاجية، بينما يتولى مساعدون مصريون الجوانب الإدارية والمالية.

ميزة هؤلاء الخبراء، بحسب المؤيدين، أنهم لا ينشغلون بالمشكلات الروتينية أو العلاقات الجانبية التي تستنزف وقت القيادات المحلية، بل يركزون فقط على تحقيق المستهدف الإنتاجي ومضاعفة العوائد. والأهم أن وجودهم سيبعث برسالة واضحة للقيادات الحالية: روح المنافسة والحماس يجب أن تعود، وأن معيار البقاء هو القدرة على الإنجاز لا غير.

القطاع اليوم يقف عند مفترق طرق، والاستمرار بالأساليب التقليدية قد يعجّل بتراجع أكبر يصعب تعويضه. لذلك يرى مراقبون أن الاستعانة بخبرات أجنبية أو دولية في إدارة بعض الشركات الكبرى ليست رفاهية بل ضرورة، على أن تتم التجربة بعقل مفتوح، بعيدًا عن التهكم أو رفض الفكرة من الأساس.

إنها دعوة لإعادة التفكير بجرأة: إذا كنا لا نتردد في جلب مدربين أجانب لفرق كرة القدم، فلماذا نتردد في جلب عقول إدارية أجنبية أو دولية لإدارة شركات البترول، وهي الركيزة الأساسية لأمن مصر الاقتصادي والطاقة؟

ويبقى السؤال مفتوحًا:
رئيس بتروبل الجديد.. هل يكون مفاجأة محلية، أم بداية تجربة جريئة مع خبرات أجنبية تعيد للقطاع قوته المفقودة؟
#سقراط




تم نسخ الرابط