الجمعة 26 سبتمبر 2025 الموافق 04 ربيع الثاني 1447

مروه عطيه تكتب... لا تعاشر الحيادى

328
المستقبل اليوم

يقولون إنّ الإنسان يُعرَف من مواقفه، لا من كلماته وحدها. فالمواقف هي التي تكشف معادن النفوس، وتُظهر من يملك شجاعة الحق، ومن يكتفي بالجلوس على مقاعد المتفرجين.
الحيادى ذلك الذى يسعى إلى إرضاء الجميع يتصور أنه حكيم... لكن حكمته سراب، إنه يخشى أن يغضب طرفا في صمت أمام الباطل ويخشى أن يخاصمه صديق فيساوى بين الظالم والمظلوم... لكن... هل الحياد فى الحق خيار؟  كلا بل هو خيانة صامتة.
الحيادي ـ أو من يريد أن يرضي جميع الأطراف في كل وقت ـ قد يبدو في الظاهر طيباً ولطيفاً، يبتسم للجميع، ويُحسن إلى الجميع. لكن في الحقيقة هو لا يحمل لك الأمان؛ لأنّه لا يستطيع أن ينصر حقك، ولا أن يقف بجانبك ساعة الشدة.
الحيادي يخشى أن يخسر أحداً، فيخسرك أنت أولاً. يخاف أن يقول كلمة صادقة تُغضب أحدهم، فيصمت، وكأنّ الحق لا يعنيه. ومَن لا يعنيه الحق، لا يمكن أن يكون صديقاً حقيقياً، ولا رفيقاً يُعتمد عليه.
الصديق الوفي قد يختلف معك، قد يعاتبك، لكنه إذا رأى الظلم واقعاً عليك، انتفض ليقول كلمة الحق. أمّا الحيادي، فسيمرّ مرور الكرام، يكتفي بالفرجة، وربما يبتسم للظالم كما يبتسم للمظلوم.
ولذلك قيل قديماً: الساكت عن الحق شيطان أخرس... فمن يسكت دائماً باسم الحياد، يختار في الحقيقة أن يضع يده في يد الباطل، حتى وإن تظاهر بالعكس.
فلا تعاشر الحيادي، ولا تجعله مرآتك في الحياة؛ لأنّ المرآة التي لا تُريك عيوبك، ليست مرآة ناصحة بل زينة كاذبة.




تم نسخ الرابط