الإثنين 22 سبتمبر 2025 الموافق 30 ربيع الأول 1447

مجرد رأي: لماذا يفرح الموظفون بخروجهم للمعاش؟

391
المستقبل اليوم

من الواضح أن كل قيادة في قطاع البترول باتت تستدعي روح من سبقها للمعاش، يخاطبها لتحكي له عن النعيم الذي يعيش فيه من سبقوه بعد تخلصهم من الأعباء وربما الجفاء الوظيفي ، حتى بات كل موظف يتمنى الساعة التي يودع فيها منصبه، وهذا عكس المعتاد وما كان يحدث فى الماضي.

الغريب أنه كلما جلست مع أحد قيادات قطاع البترول واقترب موعد خروجه إلى المعاش، أجد نفسي أمام مشهد غريب ومثير للتأمل، ابتسامة صافية، وارتياح واضح، وكلمات متكررة تعلن الفرح والرضا: “الحمد لله.. أخيرًا سأستريح”، فهل هي مجرد إرهاصات ما قبل المعاش؟ أم أنها بالفعل أمنية بات يتمناها كل قائد وموظف في القطاع بعد سنوات طويلة من الضغوط التي لا تنتهي؟

في الماضي، كان التقاعد كابوسًا يخشاه الموظف، وعلامة على نهاية المنصب، وانقطاع جزء من الراتب، وانطفاء شعلة العمل اليومي والزمالة بحلوها ومرها، بل إن كثيرين كانوا يشعرون أن المعاش بداية عزلة وفقدان للحياة ، أما اليوم فقد تغيرت المعادلة كليًا.

العامل في البترول لم يعد يرى في خروجه للمعاش خسارة، بل استعادة للذات بعد عقود من الإرهاق، فسنوات الخدمة لم تعد مجرد روتين والتزام وظيفي، بل تحولت إلى ضغوط متواصلة: مكالمات لا تتوقف، خطط عمل متلاحقة، اجتماعات متكررة، وملفات تحمل من المكتب إلى المنزل، حتى بات الموظف أسيرًا للعمل ليلًا ونهارًا.

وهكذا، صار يوم التقاعد لحظة تحرر، الموظف يشعر أنه استعاد وقته المسلوب من عائلته، وأنه تخلّص من أثقال لم تُقدّر كما ينبغي، لم يعد المعاش نهاية المطاف، بل بداية حياة جديدة، أكثر هدوءًا وحرية، وربما أكثر إنتاجًا بمعنى آخر، بعيدًا عن المواعيد والقيود.

اللافت أن كثيرًا من القيادات اليوم يعترفون بأنهم ينتظرون هذه اللحظة بفارغ الصبر، ليس رغبة في مغادرة المهنة التي أفنوا عمرهم فيها، وإنما للخلاص من الضغوط والجفاء الذي يواجهونه أحيانًا من إدارات لا تعترف بما قدموه عبر ثلاثين أو أربعين عامًا.

إن ابتسامة موظف البترول يوم تقاعده ليست فرحًا بالرحيل عن العمل، بل هي إعلان صريح بالخلاص من الظلم والتعب والجحود، ولعل السؤال الأهم هنا: متى ندرك نحن قيمة هؤلاء قبل أن يغادروا؟

#سقراط




تم نسخ الرابط