وفاء مصطفى تكتب: قراءة نفسية في ظاهرة العداء للناجحين

في كثير من الأحيان، يحبك من حولك طالما أنك تشبههم، تتحرك في نفس الإيقاع، ولا تتجاوز حدودهم. يبتسمون لك حين تتعثر مثلهم، ويدعون لك بخير ما دمت ثابتاً في مكانك.
ولكن… إذا قررت الانطلاق، وحققت ما لم يتوقعوه، وكسرت السقف الذي يقف تحت ظله الجميع، قد يتحول الإعجاب إلى همسات، والهمسات إلى سهام، والسهام — ويا للمفارقة — تأتي غالباً من القربين لا من الغرباء.
علماء النفس يطلقون على هذه الظاهرة اسم حسد القربى أو التهديد الوجودي. وحسب “نظرية المقارنة الاجتماعية” لعالم النفس "ليون فستنغر"، فإن الإنسان يقارن نفسه عادة بمن هم أقرب إليه في المستوى المعيشي أو المهني. ونجاحك — إذا كنت ضمن دائرته — يصبح انعكاساً يراه كل يوم، يُذكره بما لم يحققه، فيشعر أن وجودك نفسه تهديد لصورة ذاته.
كيف يعمل العقل في هذه اللحظة؟
عندما يتسلل هذا الشعور، يبدأ العقل الباطن في تفعيل آليات الدفاع النفسي، ومنها: التقليل من قيمة إنجازك عبر التشكيك فيه أو نشر الإشاعات.
الإسقاط: نَسب مشاعرهم السلبية إليك، واتهامك بالغرور أو الأنانية.
التبرير: إقناع أنفسهم بأن نجاحك كان ضربة حظ أو بفضل معارفك، لا بجهدك. هذه الحيل تمنحهم راحة مؤقتة، لكنها تترك العلاقات أكثر هشاشة وتزيد شعورهم بالنقص.
فإذا كنت أنت الناجح ،تذكّر أن المشكلة غالباً ليست فيك، بل في دواخلهم وعليك وضع حدود مع من يحاولون إضعافك أو إطفاء حماسك. ولا تدع ردود الفعل الانفعالية تجرّك إلى صراع يغذي السلبية.
وإن كنت أنت الطرف الآخر، فثق تماماً أن نجاح الآخرين لا ينتقص منك ولا يقلل من فرصك. وأن مشاعر الغيرة طبيعية، لكن يمكن تحويلها إلى طاقة للتعلّم وتحفيز الذات.
وتذكّر أن دعمك للناجحين من حولك يفتح لك أنت أيضاً أبواب النجاح. وكن علي يقين أن المجتمعات تتقدّم بالتشجيع لا بالهدم، وبإشعال الشموع لا بإطفائها.
النجاح مساحة واسعة، تتسع للجميع، والفشل الحقيقي أن تفقد إنسانيتك وأنت تحاول إسقاط من سبقك..