الجمعة 01 أغسطس 2025 الموافق 07 صفر 1447

شخصيات…حمدي عبد العزيز..أيقونة الإعلام البترولي ومخزن الأرقام

523
المستقبل اليوم

في عالم الإعلام البترولي، حيث تتقاطع الأرقام مع السياسات، والمعلومات مع القرارات، يبرز اسم حمدي عبد العزيز كرمزٍ فريد، جمع بين عمق الخبرة الاقتصادية وحرفية الإعلام المتخصص، ليصبح على مدار أربعة عقود شاهدًا وصانعًا لرواية قطاع البترول في مصر، ومعبّرًا بصدق عن إنجازاته وتحدياته أمام الرأي العام.

منذ تخرجه في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1979، اختار حمدي عبد العزيز طريقًا استثنائيًا ، طريقًا جمع بين لغة الأرقام الصارمة وروح الكلمة المؤثرة، فكان من أوائل الذين أدركوا أن الإعلام المتخصص ليس ترفًا، بل ضرورة لتفسير لغة الطاقة المعقدة للجمهور وصناع القرار على حد سواء.

من أروقة هيئة البترول إلى موقع القيادة:

بدأ حمدي عبدالعزيز مشواره في مارس 1981 كأخصائي بالإدارة العامة للمعلومات والإعلام في هيئة البترول، حيث لمس عن قرب نبض القطاع، وتدرج في المناصب حتى أصبح مساعد الرئيس التنفيذي لهيئة البترول للإعلام ونائب رئيس تحرير مجلة البترول.
لم يكن مجرد موظف يؤدي مهامه، بل كان صاحب رؤية إعلامية سبّاقة، تدرك أن نقل إنجازات القطاع للعالم يتطلب لغة مؤثرة ومهنية صارمة، تجمع بين التحليل الاقتصادي العميق والتواصل الصحفي الهادف.

وفي أكتوبر 1999، وتحديداً مع بداية عهد المهندس سامح فهمي اعتلى حمدي عبدالعزيز منصب رئيس تحرير مجلة البترول، ليمسك بدفة المنبر الإعلامي الأهم للقطاع، مضيفًا إليه روحًا جديدة تجمع بين التخصص والاحترافية، ما جعلها مرجعًا علميًا واقتصاديًا في سوق البترول.

المتحدث الرسمي.. صوت قطاع البترول أمام الرأي العام

في يناير 2000، انتقل عبد العزيز إلى وزارة البترول وكيلًا للإعلام، ليؤسس أول منظومة إعلامية متكاملة داخل الوزارة، تربط بين البيانات الرسمية والتحليل العلمي العميق.ثم جاء تعيينه في أكتوبر 2012 متحدثًا رسميًا لوزارة البترول والثروة المعدنية، ليصبح الواجهة الإعلامية الأبرز للقطاع، وصوتًا موثوقًا يترجم بلغة واضحة ما يدور خلف الكواليس من قرارات واستراتيجيات، في واحدة من أكثر الوزارات حساسية وتأثيرًا في حياة المصريين.

محطات إنجاز وابتكار إعلامي

لم يتوقف دور حمدي عبد العزيز عند صياغة البيانات أو إدارة الأخبار، بل ابتكر أدوات جديدة عززت من حضور القطاع في المشهد الإعلامي:
•تأسيس أول مجلة إلكترونية “غازنت”، المتخصصة في أخبار الغاز الطبيعي عام 2010.
•إطلاق أول مركز معلومات مفهرس إلكترونيًا يضم كل ما نشر عن قطاعي البترول والثروة المعدنية.
•تقديم دراسات اقتصادية معمقة في مجلة البترول، تناولت سوق النفط العالمي والعلاقات البترولية الدولية.
•تنظيم محاضرات وندوات متخصصة في اقتصاديات الطاقة داخل مصر وخارجها، ليصبح مرجعًا علميًا للإعلاميين والمتخصصين.

بين الصحافة والتحليل الاقتصادي

عُرف عبد العزيز بقدرته الفائقة على دمج التحليل الاقتصادي بالصياغة الصحفية الرشيقة، فكان قادرًا على تحويل أكثر الملفات التقنية تعقيدًا إلى لغة مفهومة للقارئ والمشاهد، دون أن تفقد قيمتها العلمية.هذه الموهبة جعلته المرجع الأول لوسائل الإعلام التي كانت تلجأ إليه لفهم تحولات أسواق النفط، والسياسات البترولية المصرية والإقليمية، وكيفية انعكاسها على حياة الناس.

الإنسان قبل المنصب

ورغم كل تلك المناصب والإنجازات، ظل حمدي عبد العزيز إنسانًا بسيطًا، يفتح بابه للصحفيين الكبار والشباب، ويمنحهم من خبرته بلا تردد، مؤمنًا بأن صناعة إعلام بترولي قوي لا تتحقق إلا بتأهيل أجيال جديدة تحمل الراية من بعده، ولهذا عرفه زملاؤه بدماثة خلقه وقدرته على إدارة الأزمات الإعلامية بهدوء، في أحلك الأوقات، حيث كان دائمًا “الصوت العاقل” الذي يوازن بين حقائق السوق ومتطلبات الطمأنة للرأي العام.

إرث إعلامي واقتصادي باقٍ

اليوم، وبعد مسيرة امتدت لما يقرب من 40 عامًا في قلب الإعلام الاقتصادي والبترولي، سيبقى حمدي عبد العزيز أكثر من مجرد متحدث رسمي أو رئيس تحرير، بل هو ذاكرة القطاع الإعلامية وضميره المهني، وصوتٌ حمل هموم الصناعة إلى الرأي العام، وشرح للعالم كيف تنهض مصر بقطاع بترول يمثل شريان حياتها الاقتصادي.

إنه ليس مجرد اسم في قائمة القيادات، بل مدرسة متكاملة في الإعلام البترولي، جمعت بين الاقتصاد والصحافة، بين الأرقام والكلمات، وبين المهنية والإنسانية، ليظل نموذجًا مضيئًا يُحتذى به في مسار الإعلام المتخصص.

شهادات في حقه:

لم يكن تأثير حمدي عبد العزيز محصورًا في إنجازاته المهنية، بل امتد ليترك بصمة إنسانية عميقة في نفوس كل من تعامل معه. زملاؤه في القطاع الإعلامي والبترولي يجمعون على أنه كان قائدًا ملهمًا، وصوتًا عاقلًا، ومرجعًا لا يُستغنى عنه.

يقول أحد الصحفيين: كان الأستاذ حمدي مدرسة في الصبر والدقة. لم يبخل يومًا بالمعلومة أو التوجيه، وكان حريصًا على أن يظهر قطاع البترول بالصورة التي تليق به أمام الإعلام والرأي العام.

ويضيف أحد العاملين في وزارة البترول: “لم نره يومًا يتعامل بصفته مسؤولًا متعاليًا، بل كان قريبًا من الجميع، يعرف أسماء العاملين ويشاركهم همومهم. كان ينشر روح الفريق في أجواء العمل، ويؤمن أن الإعلام رسالة قبل أن يكون مهنة.

أما أحد رؤساء التحرير السابقين فيصفه بقوله: “جمع بين حنكة الاقتصادي ورهافة الصحفي، وبين هدوء المسؤول وصلابة الموقف عند الأزمات. كان ملاذنا عندما تتشابك الحقائق وتتعقد الملفات، لأنه يمتلك رؤية متكاملة تجعل الصعب بسيطًا والواضح جليًا.

هذه الشهادات وغيرها تؤكد أن حمدي عبد العزيز لم يكن مجرد متحدث رسمي أو رئيس تحرير، بل كان معلمًا وقائدًا وإنسانًا ترك إرثًا مهنيًا وأخلاقيًا سيبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة في الإعلام البترولي والاقتصادي.
#سقراط




تم نسخ الرابط