الأحد 27 يوليو 2025 الموافق 02 صفر 1447

مجرد رأي..التجديد..حدوتة بترولية

729
المستقبل اليوم

كثيرًا ما أختلف مع رئيس التحرير حول هذا الموضوع، إذ إنه عادةً ما يميل بعاطفته الجياشة تجاه الرموز التي اقترب موعد تقاعدها، ويُلمّح بطريقة أو بأخرى إلى ضرورة التجديد لهم، بل وربما يجد بعض المسوغات الإدارية أو الفنية لذلك.

وأنا لا أتفق معه في معظم الحالات التي يثيرها، سواء كان ذلك بشأن وكيل وزارة أو مسؤول يحمل مؤهله من جامعة الأزهر، معللًا بأن هذا مؤهل كافٍ لمدّ فترة خدمته!
ونسي واقعة مماثلة حدثت في عهد الوزير سامح فهمي، عندما تظلّم أحد القيادات بهذا السبب، فجاءه قرار إنهاء الخدمة في اليوم التالي مباشرة.

القصد هنا ليس شخصيًا، وإنما هي مجرد أمثلة نراها كثيرًا على طول شريط خروج القيادات، ولا تدري تحديدًا إن كان امتداد الخدمة هو “إكسير حياة” لهؤلاء، أم مجرد منفعة مادية، أم أنه تجسيد لكراهيتنا للتغيير التي نتميز بها دونًا عن شعوب الأرض.

سألتُ خبيرًا أجنبيًا كان يعمل في مصر منذ زمن بعيد: لماذا تُصرّ القيادات لدينا على البقاء بعد سن المعاش؟ فأجاب مبتسمًا: “وهل لديهم شيئًا أفضل يفعلونه؟”
إجابته كانت أبلغ تعبير عن افتقادنا لأي اهتمامات أو هوايات خارج نطاق العمل.

التجديد بعد سن التقاعد هو في حقيقته نوع من الفشل الذريع لمنظومة العمل العام، سواء من الناحية العملية أو الإدارية، إنها منظومة تثبت أنها فشلت في إيجاد البديل أو في إعداد المساعد الكفء الذي يمكنه تحمل المسؤولية.

في الدول الأوروبية، تندلع المظاهرات الرافضة لمدّ الخدمة، لأنهم يعانون من تناقص سكاني يهدد سوق العمل، أما نحن، فنقاتل للبقاء حتى الممات، بينما ملايين الشباب يجلسون على المقاهي بلا عمل!

بلا شك، الخبرة والصنعة أمران في غاية الأهمية، لكن لا ينبغي حصرهما داخل حدود الوظيفة الحكومية فقط، يمكن لأصحاب الخبرات أن يؤسسوا شركات أو مكاتب استشارية، تكون مجالًا أوسع لتطبيق خبراتهم، وتعمّ بهم وبها الاستفادة.

التجديد بشكله الحالي يفقد الجيل الثاني أي أمل في تولي مناصب قيادية، لأن أمامه سدًّا منيعًا من “الكبار” الذين يحاربون بكل أسلحتهم للبقاء. التجديد بهذا الشكل يفقدنا أيضًا القدوة الحسنة، عندما يرى الناس من يُحال إلى التقاعد ليجد مكانًا آخر قد تم حجزه له مسبقًا في انتظار “خروجه السعيد”.

فلا تطالبوا العاملين بالانضباط وبذل أقصى الجهد، وهم يرون أن أبسط قواعد العدل والمساواة تتحطم على صخرة “التربيطات” و”الحبايب” و”التكلّس الإداري” الذي يستطيع توظيف أي حالة كيفما شاء.

لن تقف الدنيا على شخص أو أفراد مهما علت قيمتهم وتجذرت خبرتهم، فلا بد للحياة أن تمضي، مهما كانت الظروف، ومهما فقدنا من قامات وقيادات .والسلام،
#سقراط




تم نسخ الرابط